مهلك وقرىء الصعقة وهي المرة من مصدر صعقتهم الصاعقة وأخذتهم من بعد عقر الناقة، والصاعقة هي نار تنزل من السماء فيها رعد شديد وقد مر الكلام على الصاعقة في البقرة وفي مواضع (وهم ينظرون) أي: يرونها عياناً، لأنها كانت نهاراً، وقيل: إن المعنى ينتظرون ما وعدوه من العذاب والأول أولى.
(فما استطاعوا من قيام) أي لم يقدروا على القيام حين نزول العذاب، قال قتادة: من نهوض: يعني لم ينهضوا من تلك الصرعة، والمعنى أنهم عجزوا عن القيام فضلاً عن الهرب، ومثله قوله تعالى: (فأصبحوا في ديارهم جاثمين) (وما كانوا منتصرين) أي ممتنعين من عذاب الله بغيرهم ممن أهلكهم الله أو لم تمكنهم مقابلتها بالعذاب، لأن معنى الإنتصار المقابلة.
(و) أهلكنا أو نبذنا أو اذكر (قوم نوح) وثلاثة أوجه أخر في النصب ذكرها السمين، وفي قراءة الجر أربعة أوجه ذكرها السمين أيضاًً لا نطول بذكرها (من قبل) أي من قبل هؤلاء المهلكين، فإن زمانهم متقدم على زمن فرعون وعاد وثمود (إنهم كانوا قوماً فاسقين) أي خارجين عن طاعة الله
(وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ) أي بقوة وقدرة قاله ابن عباس، قيل: التقدير وبنينا السماء بنيناها، وقرىء برفع السماء على الابتداء.
(وإنا لموسعون) الموسع ذو الوسع والسعة، والمعنى إنا لذو سعة بخلقها وخلق غيرها لا نعجز عن ذلك، وقيل: لقادرون من الوسع بمعنى الطاقة والقدرة، وقيل: إنا لموسعون الرزق بالمطر، قال الجوهري: أوسع الرجل صار ذا سعة وغنى، وقيل: جاعلوها واسعة، وعليه تكون الحال مؤسسة أخبر أولاً أنه بناها بقوته وقدرته، وثانياً بأنه وسعها أي جعلها واسعة، فالأرض بالنسبة إليها كحلقة في فلاة.


الصفحة التالية
Icon