أبو عبيدة: يستمعون به وقال الزجاج: المعنى أنهم كجبريل الذي يأتي النبي ﷺ بالوحي، وقيل: أي صاعدين فيه.
(فليأت مستمعهم) إن ادعى ذلك (بسلطان مبين) أي بحجة ظاهرة واضحة بينة
(أم له البنات)؟ أي بل أتقولون: لله البنات؟ (ولكم البنون)؟ سفه سبحانه أحلامهم، وضلل عقولهم، ووبخهم، أي أيضيفون إلى الله البنات؟ وهي أضعف الصنفين، ويجعلون لأنفسهم البنين وهم أعلاهما وفيه إشعار بأن من كان هذا رأيه فهو بمحل سافل في الفهم والعقل، فلا يستبعد منه إنكار البعث، وجحد التوحيد، ثم رجع سبحانه إلى خطاب رسول الله ﷺ فقال:
(أم تسألهم أجراً)؟ أي بل أتسألهم أجراً يدفعونه إليك على تبليغ الرسالة؟ (فهم من مغرم) أي من التزام غرامة تطلبها منهم (مثقلون) أي مجهودون بحملهم ذلك المغرم الثقيل ومتعبون ومغتمون، من أثقله الحمل أتعبه لكن هذا الثقل معنوي لأن العادة أن من غرم إنساناً ما لا يصير الغارم مغتماً منه وكارهاً له فلا يسمع قوله، ولا يمتثله، قال قتادة: يقول هل سألت هؤلاء القوم أجراً فجهدهم فلا يستطيعون الإسلام.
(أم عندهم الغيب)؟ أي بل أيدعون أن عندهم الغيب وهو ما في اللوح المحفوظ، المثبت فيه المغيبات، فالغيب بمعنى الغائب، والألف واللام في الغيب بمعنى النوع لا للعهد: ولا لتعريف الجنس، فالمراد نوع الغيب، وهذا الزعم فرضي إذ لم يقع منهم بالفعل، لكنهم على حالة من المكابرة والمعارضة بحيث ينسب إليهم هذا الزعم، قال قتادة: هذا جواب لقولهم: (نتربص به ريب المنون) يقول الله: (أم عندهم الغيب) حتى علموا أن محمداً ﷺ يموت قبلهم (فهم يكتبون) ذلك بعد ما وقفوا عليه، وقيل: هو رد لقولهم، إنا لا نبعث، ولو بعثنا لم نعذب، قال ابن قتيبة: معنى يكتبون يحكمون بما يقولون.


الصفحة التالية
Icon