أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٣) وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (٤٤) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٤٧) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (٤٩)
(أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا) أي مكراً برسول الله صلى الله عليه وسلم، فيهلكونه بذلك المكر (فالذين كفروا) هذا من وقوع الظاهر موضع المضمر تنبيهاً على اتصافهم بهذه الصفة القبيحة والأصل: أم يريدون كيداً فهم (هم المكيدون) أي الممكور بهم، المجزيون بكيدهم، فضرر كيدهم يعود عليهم، (ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله)، أو حكم على جنس هم نوع منه فيندرجون فيه اندراجاً أولياً لتوغلهم في هذه الصفة، وكان هذا المكر والتحيل والكيد في دار الندوة، وهي دار من دور أهل مكة، والظاهر أنه من الإخبار بالغيب، فإن السورة مكية، وذلك الكيد كان وقوعه ليلة الهجرة ثم أهلكهم الله تعالى ببدر عند انتهاء سنين عدتها عدة ما هنا من كلمة أم، وهي خمس عشرة، فإن بدراً كانت في الثانية من الهجرة وهي الخامسة عشر من النبوة، وأذلهم في غير موطن، ومكر سبحانه بهم (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين).
(أم لهم غير الله) أي بل أيدعون أن لهم إلهاً غير الله يحفظهم ويرزقهم وينصرهم، وهذا استفهام إنكاري، على معنى نفي الحصول من أصله أي ليس لهم في الواقع إله غير الله، وعلى معنى نفي الانبغاء واللياقة بالنظر لاعتقادهم أن هناك آلهة غيره، ثم نزه سبحانه نفسه عن هذه المقالة الشنعاء فقال: (سبحان الله عما يشركون) ما يحتمل وجهين: أحدهما: أن


الصفحة التالية
Icon