ابن عباس: أقسم الله أن ما ضل محمد ﷺ ولا غوى.
(وما ينطق عن الهوى) أي ما يصدر نطقه عن الهوى لا بالقرآن ولا بغيره فـ (عن) على بابها، ومثل النطق الفعل، وقال أبو عبيدة: إن عن بمعنى الباء أي بالهوى، وقال قتادة: أي ما ينطق بالقرآن عن هواه
(إن هو إلا وحي يوحى) أي ما هذا الذي ينطق به من القرآن وكل أحواله وأقواله وأفعاله إلا وحي من الله يوحيه إليه، ويوحى صفة لوحي تفيد الإستمرار التجددي وتفيد نفي المجاز، أي هو وحي حقيقة لا لمجرد التسمية، كما تقول: هذا قول يقال، وقيل: تقديره يوحى إليه ففيه، مزيد فائدة، والآية دليل على كون السنة المطهرة وحياً يوحى.
(علمه شديد القوى) جمع قوة، والمعنى أنه علمه جبريل الذي هو شديد قواه. هكذا قال أكثر المفسرين، وقال الحسن: هو الله عز وجل، والأول أولى، وهو من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، ومن شدة قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط ورفعها إلى السماء، ثم قلبها وصاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين، وكان هبوطه على الأنبياء وصعوده أسرع من رجعة الطرف، وهذه القوة ثابتة له، ولو كان على صورة الآدميين.
(ذو مرة) أي قوة وشدة في الخلق، وقيل ذو صحة جسم، وسلامة من الآفات.
" ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي " (١) وقيل ذو حصافة عقل ومتانة رأي قال قطرب: العرب تقول لكل من هو جزل الرأي، حصيف العقل: ذو مرة، والتفسير للمرة بهذا أولى، لأن القوة والشدة قد أفادها قوله: شديد القوى، قال الجوهري: المرة إحدى الطبائع الأربع، والمرة القوة وشدة العقل، وقال ابن عباس: ذو
_________
(١) رواه مسلم.


الصفحة التالية
Icon