(و) أهلك (قوم نوح) بالغرق (من قبل) أي من قبل إهلاك عاد وثمود (إنهم كانوا هم أظلم) من عاد وثمود (وأطغى) منهم أو أظلم وأطغى من جميع الفرق الكفرية أو أظلم وأطغى من مشركي العرب وإنما كانوا كذلك لأنهم عتوا على الله بالمعاصي مع طول مدة دعوة نوح لهم كما في قوله: (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً) وقيل: لأنهم كانوا يضربونه حتى لا يكون به حراك ويغشى عليه فإذا أفاق قال: رب أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون وينفرون عنه حتى كانوا يحذرون صبيانهم أن يسمعوا منه.
(والمؤتفكة) الإئتفاك الإنقلاب، والمؤتفكة مدائن قوم لوط عليه السلام وسميت المؤتفكة لأنها انقلبت بهم وصار عاليها سافلها، تقول أفكته إذا قلبته ومعنى (أهوى) أي أسقط أي أهواها جبريل إلى الأرض بعد أن رفعها إلى السماء مقلوبة إلى الأرض قال المبرد: جعلها تهوي.
(فغشاها ما غشى) أي ألبسها ما ألبسها من الحجارة المنضودة المسومة التي وقعت عليها كما في قوله: (فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل) وفي هذه العبارة تهويل للأمر الذي غشاها به وتعظيم له وقيل: إن الضمير راجع إلى جميع الأمم المذكورة أي فغشاها من العذاب ما غشى على اختلاف أنواعه.
(فبأي آلاء ربك تتمارى) هذا خطاب للإنسان المكذب أي فبأي نعم ربك الدالة على وحدانيته وقدرته أيها الإنسان المكذب تتشكك وتمتري وقيل: الخطاب لرسول الله ﷺ تعريضاً لغيره فهو من باب الإلهاب والتهييج والتعريض بالغير، وعن ابن عباس: أنه للوليد بن المغيرة، وقيل: لكل من يصلح له، قال ابن عادل: الصحيح العموم لقوله تعالى: (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم) وقوله: (وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً) قلت: ولقوله: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) قيل: إسناد فعل التماري إلى الواحد باعتبار تعدده بحسب تعدد متعلقه وهو الآلاء المتماري فيها قلت لا حاجة إلى


الصفحة التالية
Icon