الأرض، لا فصل بينهما في مرأى العين، قال سعيد بن جبير: يلتقيان في كل عام وقيل يلتقي طرفاهما ومع ذلك فلم يختلطا فلهذا قال:
(بينهما برزخ) أي حاجز يحجز بينهما وقيل البرزخ الجزائر.
(لا يبغيان) أي لا يبغي أحدهما على الآخر، بأن يدخل فيه ويختلط به، وقيل: لا يتغيران، وقيل: لا يطغيان على الناس بالغرق قال ابن عباس: أرسل البحرين بينهما حاجز لا يختلطان بينهما من البعد ما لا يبغي كل واحد منهما على صاحبه، وفي الخطيب لا يتجاوز كل واحد منهما ما حده له خالقه، لا في الظاهر ولا في الباطن حتى إن العذب الداخل في الملح باق على حاله، لم يمتزج بالملح فمتى حفرت في جنب الملح في بعض الأماكن وجدت الماء العذب، قال البقاعي: بل كلما قربت الحفرة من الملح كان الماء الخارج منها أحلى، فخلطهما الله تعالى في رأي العين وحجز بينهما في غيب القدرة، هذا وهما جمادان لا نطق لهما ولا إدراك فكيف يبغي بعضكم على بعض أيها العقلاء؟
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) فإن هذه الآية وأمثالها لا يتيسر تكذيبها بحال.
(يخرج) قرأ الجمهور على البناء للفاعل، وقرىء على البناء للمفعول، وهما سبعيتان (منهما اللؤلؤ) أي: الدر (والمرجان) الخرز الأحمر المعروف، وقال الفراء: اللؤلؤ العظام والمرجان ما صغر، قال الواحدي: وهو قول جميع أهل اللغة، وقال مقاتل والسدي ومجاهد: اللؤلؤ صغار الدر والمرجان كباره، وقال ابن عباس: إذا مطرت السماء فتحت الأصداف في البحر أفواهها فما وقع فيها من قطر السماء فهو اللؤلؤ، وعن علي قال: المرجان عظام اللؤلؤ، وقال ابن عباس: اللؤلؤ ما عظم منه، والمرجان: اللؤلؤ الصغار قال ابن مسعود: المرجان الخرز الأحمر.
وقال: منهما وإنما يخرج ذلك من المالح لا من العذب، لأنه إذا خرج من أحدهما فقد خرج منهما، كذا قال الزجاج وغيره وقال أبو علي الفارسي: هو من باب حذف المضاف أي من أحدهما كقوله: على رجل من القريتين


الصفحة التالية
Icon