وسلم، وقيل: مريدين للإيمان به، فبادروا إليه، وقيل: إن بمعنى إذ.
(هو الذي ينزل على عبده آيات بينات) أي واضحات ظاهرات، وهي الآيات القرآنية. وقيل: المعجزات، والقرآن أعظمها (ليخرجكم من الظلمات إلى النور) أي ليخرجكم الله بتلك الآيات من ظلمات الشرك إلى نور الإيمان، أو ليخرجكم الرسول بتلك الآيات أو بالدعوة منها إليه (وإن الله بكم) في إخراجكم من الكفر إلى الإيمان (لرؤوف رحيم) أي كثير الرأفة والرحمة بليغهما، حيث أنزل كتبه، وبعث رسله، لهداية عباده، ولم يقتصر على ما نصب لكم من الحجج العقلية، فلا رأفة ولا رحمة أبلغ من هذه.
(وما لكم أن لا) والأصل في أن لا (تنفقوا)؟ فموضعه نصب أو جر، وليست أن زائدة كما يرى أبو الحسن زيادتها، بل هي مصدرية، والمعنى في عدم الإنفاق (في سبيل الله) أي: في طاعته وما يكون قربة إليه فسبيله كل خير يوصلهم إليه فهو استعارة تصريحية، والإستفهام للتوبيخ والتقريع، وفي هذه الآية دليل على أن الإنفاق المأمور به في قوله: (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) هو الإنفاق في سبيل الله، كما بينا ذلك، والمعنى أي عذر لكم؟ وأي شيء يمنعكم من ذلك؟.
(ولله ميراث السموات والأرض) أي والحال أن كل ما فيهما راجع إلى الله سبحانه بانقراض العالم كرجوع الميراث إلى الوارث، ولا يبقى لهم منه شيء، وهذا أدخل في التوبيخ، وأكمل في التقريع، فإن كون تلك الأمور تخرج عن أهلها وتصير لله سبحانه، ولا يبقى أحد من مالكيها أقوى في إيجاب الإنفاق عليهم من كونها لله في الحقيقة، وهم خلفاؤه في التصرف فيها.
ثم بين سبحانه فضل من سبق بالإنفاق في سبيل الله، وتفاوت درجات المنفقين فقال:
(لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) أي فتح مكة، وبه قال أكثر المفسرين، قال قتادة: كان قتالان أحدهما أفضل من الآخر، ونفقتان إحداهما أفضل من الأخرى، كان القتال والنفقة من قبل فتح مكة أفضل من النفقة والقتال بعد ذلك، وكذا قال مقاتل وغيره، وقال الشعبي والزهري: فتح الحديبية، وهو الراجح قاله الكرخي، وذكر القتال للإستطراد، وفي