بسم الله الرحمن الرحيم

إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (٣) وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥) سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٦)
(إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ) أي إذا وصلوا إليك وحضروا مجلسك، قال ابن عباس: إنما سماهم الله منافقين لأنهم كتموا الشرك، وأظهروا الإيمان، والمراد بهم عبد الله بن أبيّ وأصحابه (قالوا) هذا جواب الشرط، وقيل محذوف، وقالوا: حال أي جاؤوك قائلين كيت وكيت، فلا تقبل منهم وقيل: الجواب اتخذوا أيمانهم جنة، وهو بعيد جداً كما لا يخفى (نشهد إنك لرسول الله) أكدوا شهادتهم بإن واللام للإشعار لأنها صادرة من صميم قلوبهم، مع خلوص اعتقادهم، ومعنى نشهد نحلف، فهو يجري مجرى القسم، ولذلك يتلقى بما يتلقى به القسم، وإنما عبر عن الحلف بالشهادة لأن كل واحد من الحلف والشهادة إثبات لأمر معين ويحتمل أن يكون ذلك محمولاً على ظاهره نفياً للنفاق عن أنفسهم، وهو الأشبه، ومثل نشهد نعلم فإنه أيضاًً يجري مجرى القسم، كما في قول الشاعر:
ولقد علمت لتأتين منيتي إن المنايا لا تطيش سهامها
(والله يعلم إنك لرسوله) جملة معترضة مقررة لمضمون ما قبلها، وهو ما أظهروه من الشهادة، وإن كانت بواطنهم على خلاف ذلك (والله يشهد


الصفحة التالية
Icon