وفعل الطاعات (وأهليكم) من النساء والولدان، وكل من يدخل في هذا الاسم بأمرهم بطاعة الله، ونهيهم عن معاصيه، وبأن تأخذوهم بما تأخذون به أنفسكم نصحاً وتأديباً.
(ناراً وقودها الناس والحجارة) أي ناراً عظيمة، تتوقد بالناس الكفار والحجارة، كالأصنام منها، كما يتوقد قد غيرها بالحطب، وقيل: الكبريت لأنه أشد الأشياء حراً وأسرع إيقاداً، وقد تقدم بيان هذا في سورة البقرة، قال مقاتل بن سليمان: قوا أنفسكم وأهليكم بالأدب الصالح النار في الآخرة وقال قتادة ومجاهد. قوا أنفسكم بأفعالكم، وقوا أهليكم بوصيتكم، قال ابن جرير: فعلينا أن نعلم أولادنا الدين والخير، وما لا يستغنى عنه من الأدب، ومن هذا قوله: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها)، وقوله: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، وعن علي بن أبي طالب في الآية قال: علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم، وعن ابن عباس قال: اعملوا بطاعة الله واتقوا معاصي الله وأمروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار، وعنه قال: أدبوا أهليكم.
(عليها ملائكة) أي على النار خزنة من الملائكة يولون أمرها وتعذيب أهلها، وهم الزبانية (غلاظ) على أهل النار (شداد) عليهم لا يرحمونهم إذا استرحموهم، لأن الله سبحانه وتعالى خلقهم من غضبه، وحبب إليهم تعذيب خلقه، وقيل: غلاظ الأقوال شداد الأفعال، وقيل: الغلاظ ضخام الأجسام والشداد الأقوياء، وقيل: المراد غلاظ القلوب شداد الأبدان، من غلظ القلب أي قسوته، لا من غلظ الجسم ولا من غلظ القول.
" عن أبي عمران الجوني قال: بلغنا أن خزنة النار تسعة عشر ما بين منكب أحدهم مسيرة مائة خريف، ليس في قلوبهم رحمة إنما خلقوا للعذاب يضرب الملك منهم الرجل من أهل النار الضربة فيتركه طحناً من لدن قرنه إلى قدمه " أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد.