فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (١١) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥)
فلما اعترفوا هذا الاعتراف قال الله سبحانه
(فاعترفوا بذنبهم) الذي استحقوا به عذاب النار وهو الكفر وتكذيب الأنبياء (فسحقاً لأصحاب السعير) أي فبعداً لهم من الله ورحمته، قال ابن عباس: سحقاً بعداً وقال سعيد بن جبير وأبو صالح: هو واد في جهنم يقال له السحق، قرأ الجمهور سحقاً بإسكان الحاء وقرىء بضمها وهما لغتان مثل السحت والرعب، وسحقاً منصوب على المفعول به أي ألزمهم الله سحقاً، وقال الزجاج وأبو علي الفارسي: منصوب على المصدر أن أسحقهم الله سحقاً، وقال أبو علي الفارسي: كان القياس إسحاقاً فجاء المصدر على الحذف، واللام في (لأصحاب) السعير للبيان كما في (هيت لك).
ولما فرغ سبحانه من ذكر أحوال أهل النار شرع في ذكر أحوال أهل الجنة فقال
(إن الذين يخشون ربهم بالغيب) حال من الفاعل أو من المفعول أي غائبين عنه أو غائباً عنهم والمعنى أنهم يخشون عذابه ولم يروه فيؤمنون به خوفاً من عذابه، ويجوز أن يكون المعنى يخشون ربهم حال كونهم غائبين عن أعين الناس، وذلك في خلواتهم فيطيعونه سراً فيكون علانية أولى، أو المراد بالغيب كون العذاب غائباً عنهم لأنهم في الدنيا وهو إنما يكون يوم القيامة، والباء على هذا سببية.
قال ابن عباس في الآية: هم أبو بكر وعمر وعلي وأبو عبيدة بن الجراح، أخرجه ابن مردويه (لهم مغفرة) عظيمة يغفر الله بها ذنوبهم (وأجر كبير) لا يقادر قدره وهو الجنة، ومثل هذه الآية قوله (من خشى


الصفحة التالية
Icon