فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (٢٣) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (٢٥) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (٣٠) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (٣١)
(فانطلقوا) أي ذهبوا إلى جنتهم (وهم يتخافتون) أي يسرون الكلام بينهم لئلا يعلم أحد بهم، يقال خفت يخفت إذا سكن ولم ينبس، قال ابن عباس الخفت الإسرار والكلام الخفي، وقيل المعنى يخفون أنفسهم من الناس حتى لا يروهم فيقصدوهم كما كانوا يقصدون أباهم وقت الحصاد، والأول أولى لقوله:
(أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) فإن " أن " هي المفسرة للتخافت المذكور لما فيه من معنى القول، والمعنى يسر بعضهم إلى بعض هذا القول وهو لا يدخل هذه الجنة اليوم عليكم مسكين فيطلب منكم أن تعطوه منها ما كان يعطيه أبوكم، وأوقع النهي على دخول المساكين لأنه أبلغ لأن دخولهم أعم من أن يكون بإدخالهم أو بدونه.
(وغدوا) أي ساروا إليها غدوة (على حرد) الحرد يكون بمعنى المنع والغضب والقصد، قال قتادة ومقاتل والكلبي والحسن ومجاهد: الحرد هنا بمعنى القصد لأن القاصد إلى الشيء حارد، يقال حرد يحرد إذا قصد تقول حردت حردك أي قصدت قصدك وبابه ضرب، وقال أبو نصر صاحب الأصمعي: هو مخفف فعلى هذا بابه فهم، وقال ابن السكيت: وقد يحرك فعلى هذا بابه طرب فهو حارد وحردان انتهى، وقال أبو عبيدة والمبرد


الصفحة التالية
Icon