إلى أكل الضريع. فإذا أكلوه يسلط عليهم العطش فيضطرهم إلى شرب الحميم فيشوي وجوههم ويقطع أمعاءهم.
وتنكير الجوع للتحقير أي لا يغني من جوع ما.
ثم شرع سبحانه في بيان حال أهل الجنة بعد الفراغ من بيان حال أهل النار فقال
(وجوه يومئذ ناعمة) أي ذات نعمة وبهجة في لين العيش، وهي وجوه المؤمنين صارت ناعمة لما شاهدوا من عاقبة أمرهم وما أعده الله لهم من الخير الذي يفوق الوصف، ومثله قوله (تعرف في وجوههم نضرة النعيم) والمراد بالوجوه هنا أصحابها كما تقدم.
ثم قال
(لسعيها راضية) أي لعملها الذي عملته في الدنيا راضية لأنها قد أعطيت من الأجر ما أرضاها وقرت به عيونها.
(في جنة عالية) أي عالية المكان مرتفعة على غيرها من الأمكنة أو عالية القدر لأن فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين.
(لا تسمع فيها لاغية) قرأ الجمهور بفتح الفوقية ونصب لاغية أي لا تسمع أنت أيها المخاطب أو لا تسمع تلك الوجوه وقرىء بضم التحتية مبنياً للمفعول ورفع لاغية، وقرىء بالفوقية مضمومة ورفع لاغية وقرىء بفتح التحتية مبنياً للفاعل ونصب لاغية. واللغو الكلام الساقط.
قال الفراء والأخفش: أي لا تسمع فيها كلمة لغو قيل المراد بذلك الكذب والبهتان والكفر، قاله قتادة وقال مجاهد أي الشتم، وقال الفراء لا تسمع فيها حالفاً يحلف بكذب، قال الكلبي لا تسمع في الجنة حالفاً بيمين برة ولا فاجرة، وقال الفراء أيضاً لا تسمع في كلام أهل الجنة كلمة تلغى لأنهم لا يتكلمون إلا بالحكمة وحمد الله تعالى على ما رزقهم من النعيم الدائم، وهذا أرجح الأقوال لأن النكرة في سياق النفي من صيغ العموم ولا وجه لتخصيص هذا بنوع من اللغو خاص إلا بمخصص يصلح للتخصيص.
ولاغية إما صفة موصوف محذوف أي كلمة لاغية أو جماعة لاغية أو


الصفحة التالية
Icon