والأولى أن يفسر تلوه لها بكون ضوئه يخلفها ويجيء بعد مغيبها سواء كان ذلك من غير تراخ وهو في النصف الأول من الشهر، أو بعد مدة وذلك في النصف الثاني من الشهر فإن القمر إذا طلع في نصف الليل يقال أنه تلاها في ظهور الضوء أي خلفها فيه ولو بعد تخلل مدة ظلمة فليتأمل.
(والنهار إذا جلاها) أي أضاءها، قاله ابن عباس، وذلك أن الشمس عند انبساط النهار تنجلي تمام الإنجلاء فكأنه جلاها مع أنها التي تبسطه وقيل الضمير عائد إلى الظلمة أي جلى الظلمة وإن لم يجر للظلمة ذكر لأن المعنى معروف، قال الفراء تقول أصبحت باردة أي أصبحت غداتنا باردة، والأول أولى، ومنه قول قيس ابن الخطيم:

تجلت لنا كالشمس تحت غمامة بدا حاجب منها وضنت بحاجب
وقيل المعنى جلى ما في الأرض من الحيوانات وغيرها بعد أن كانت مستترة في الليل، وقيل جلى الدنيا وقيل جلى الأرض.
(والليل إذا يغشاها) أي يغشى الشمس فيذهب بضوئها فتغيب وتظلم الآفاق وقيل يغشى الآفاق وقيل الأرض، وإن لم يجر لهما ذكر لأن ذلك معروف، والأول أولى.
قال الخطيب: وجيء به مضارعاً دون ما قبله وما بعده مراعاة للفواصل إذ لو أتى به ماضياً لكان التركيب: إذا غشيها فتفوت المناسبة اللفظية بين الفواصل والمقاطع انتهى.
والمعنى يغطيها بظلمته أي فيزيل ضوؤها فالنهار يجليها ويظهرها والليل يغطيها ويزيل ضوؤها فالضمير في الفواصل من أول السورة إلى هنا للشمس.
وهذه الأقسام الأربعة ليست إلا للشمس في الحقيقة لكن بحسب أربعة أوصاف أولها الضوء الحاصل منها عند ارتفاع النهار، وذلك هو الوقت الذي يكمل فيه انتشار


الصفحة التالية
Icon