بسم الله الرحمن الرحيم
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (٤) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)(ألم نشرح لك صدرك) معنى شرح الصدر فتحه بإذهاب ما يصدر عن الإدراك، والإستفهام التقريري إذا دخل على النفي قرره فصار المعنى قد شرحنا لك صدرك حتى وسع مناجاة الحق، ودعوة الخلق، فكان غائباً عنهم بروحه، وحاضراً معهم بجسده الشريف.
والمعنى ألم نفسحه بما أودعنا فيه من الحكم وأزلنا عنه ضيق الجهل، أو بما يسرنا لك من تلقي الوحي بعد ما كان يشق عليك.
قال الراغب أصل الشرح بسط اللحم ونحوه يقال شرحت اللحم وشرحته، ومنه شرح الصدر وهو بسطه بنور إلهي وسكينته من جهة الله وروح منه وإنما خص الصدر لأنه محل أحوال النفس من العلوم والإدراكات، وقيل لأن الصدر محل الوسوسة كما قال تعالى (يوسوس في صدور الناس) فإزالة تلك الوسوسة وإبدالها بدواعي الخير هي الشرح.
والقلب محل العقل والمعرفة وهو الذي يقصده الشيطان فيجىء أولاً إلى الصدر الذي هو حصن القلب فإذا وجد مسلكاً نزل فيه هو وجنده وبث فيه الغموم والهموم والحرص، فيضيق القلب حينئذ ولا يجد للطاعة لذة ولا للإسلام حلاوة، وإذا لم يجد له مسلكاً وطرد حصل الأمن وانشرح الصدر، وتيسر القيام بأداء العبودية.