ولم يقل نشرح صدرك تنبيهاً على أن منافع الرسالة عائدة عليه صلى الله عليه وآله وسلم كأنه يقول إنما شرحنا صدرك لأجلك لا لأجلي، والمراد بالامتنان عليه صلى الله عليه وآله وسلم بفتح صدره وتوسيعه حتى قام بما قام به من الدعوة وقدر على ما قدر عليه من حمل أعباء وحفظ الوحي. وقد مضى القول في هذا عند تفسير قوله (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه) قال ابن عباس في الآية شرح الله صدره للإسلام.
قرأ الجمهور نشرح بسكون الحاء بالجزم، وبفتحها قرأ أبو جعفر المنصور العباسي قال الزمخشري قالوا: لعله بين الحاء وأشبعها في مخرجها فظن السامع أنه فتحها.
وقال ابن عطية أن الأصل ألم نشرحن بالنون الخفيفة ثم إبدالها ألفاً ثم حذفها تخفيفاً، وهذا مبني على جواز توكيد المجزوم بلم وهو قليل جداً، وخرجها بعضهم على لغة بعض العرب الذين ينصبون بلم ويجزمون بلن، وهذه ما أظنها تصح. وإن صحت فليست من اللغات المعتبرة فإنها جاءت بعكس ما عليه لغة العرب بأسرها.
وعلى كل حال فقراءة هذ الرجل مع شدة جوره ومزيد ظلمه وكثرة جبروته وقلة علمه ليست بحقيقة بالاشتغال بها.
(ووضعنا عنك وزرك) معطوف على معنى ما تقدم لا على لفظه أي قد شرحنا لك صدرك ووضعنا الخ والوزر الذنب أي وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية، قال الحسن وقتادة والضحاك ومقاتل المعنى حططنا عنك الذي سلف منك في الجاهلية، وهذا كقوله (ليغفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) وعنك متعلق بوضعنا وتقديمه على المفعول الصريح مع أن حقه التأخر عنه لتعجيل المسرة والتشويق إلى المؤخر.
ولما أن في وصفه نوع طول فتأخير الجار والمجرور عنه مخل بتجاوب أطراف النظم الكريم.


الصفحة التالية
Icon