التوراة التصريح بلفظ الجنة باللغة العبرانية بلفظ جنعيذا بجيم مفتوحة ثم نون ساكنة ثم عين مهملة مكسورة ثم تحتية ساكنة ثم ذال معجمة بعدها ألف، وفي الإنجيل في مواضع كثيرة التصريح بالعاد، وأنه يكون فيه النعيم للمطيعين، والعذاب للعاصين.
وقد كان بعض طوائف كفار العرب ينكر المعاد كما حكى الله عنه بقوله: (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) وكانت طائفة منهم غير جازمة بنفيه بل شاكة فيه كما حكى الله عنهم بقوله: (إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين) وما حكاه الله عنهم بقوله: (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى) فقد حصل الاختلاف بين طوائف الكفر على هذه الصفة.
وقد قيل إن الضمير في قوله يتساءلون يرجع إلى المؤمنين والكفار لأنهم جميعاً كانوا يتساءلون عنه: فأما المسلم فيزداد يقيناً واستعداداً وبصيرة في دينه، وأما الكافر فاستهزاء وسخرية.
قال الرازي: ويحتمل أنهم يسألون الرسول ويقولون ما هذا الذي تعدنا به من أمر الآخرة، قال ابن عباس: النبأ العظيم القرآن، وهذا مروي عن جماعة من التابعين.
(الذي هم فيه مختلفون) الموصول صفة للنبأ بعد وصفه بكونه عظيماً فهو متصف بالعظم ومتصف بوقوع الاختلاف فيه.
(كلا سيعلمون) ردع لهم وزجر، وهذا يدل على أن المختلفين فيه هم الكفار، وبه يندفع ما قيل أن الخلاف بينهم وبين المؤمنين، فإنه إنما يتوجه الردع والوعيد إلى الكفار فقط، وقيل كلا بمعنى حقاً.
ثم كرر الردع والزجر فقال:
(ثم كلا سيعلمون) للمبالغة في التأكيد والتشديد في الوعيد، وقرأ الجمهور بالياء التحتية في الفعلين على الغيبة، وقرىء بالفوقية على الخطاب، وقرأ الضحاك الأولى بالفوقية، وقرأ الثانية