(ثم رددناه أسفل سافلين) أي رددناه إلى أرذل العمر، قاله ابن عباس وهو الهرم والضعف بعد الشباب والقوة حتى يصير كالصبي فيخرف وينقص عقله، كذا قال جماعة من المفسرين، قال الواحدي: والسافلون هم الضعفاء والزمناء والأطفال، والشيخ الكبير أسفل هؤلاء جميعاً لأنه لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلاً لضعف بدنه وسمعه وبصره وعقله، قاله الخازن.
وقال مجاهد وأبو العالية والحسن: المعنى ثم رددنا الكافر إلى النار، وذلك أن النار درجات بعضها أسفل من بعض فالكافر يرد إلى أسفل الدرجات السافلة، ولا ينافي هذا قوله تعالى (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) فلا مانع من كون الكفار والمنافقين مجتمعين في ذلك الدرك الأسفل.
وقوله أسفل سافلين إما حال من المفعول أي رددناه حال كونه أسفل سافلين أو صفة لمقدر محذوف أي مكاناً أسفل سافلين.
(إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) هذا الاستثناء منقطع على القول الأول أي لكن الذين آمنوا الخ ووجهه أن الهرم والرد إلى أرذل العمر يصاب به المؤمن كما يصاب به الكافر فلا يكون لاستثناء المؤمنين على وجه الإتصال معنى، وعلى القول الثاني متصل من ضمير رددناه فإنه في معنى الجمع أي رددنا الإنسان أسفل سافلين من النار إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
وقال الشهاب الإستثناء منقطع لأنه لم يقصد إخراجهم من الحكم وهو مدار الاتصال والانقطاع كما صرح به في الأصول لا الخروج والدخول كما توهم، فلا يرد عليه أنه كيف يكون منقطعاً مع أنهم مردودون أيضاًً فهو للإستدراك لدفع ما يتوهم من أن التساوي في أرذل العمر يقتضي التساوي في غيره، ويكون (الذين) حينئذ مبتدأ والفاء داخلة في خبره لا للتفريع كما في الإتصال، وقيل المعنى رددناه إلى الضلال كما قال (إن الإنسان لفي خسر إلا


الصفحة التالية
Icon