اقرأ فقلت ما أنا بقارىء فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارىء فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد فقال اقرأ باسم ربك الخ ".
ثم الظاهر أن هذه الجملة ليست من القرآن لأن الأمر بتحصيل الشيء غير ذلك الشيء، ولكن قام الإجماع على أنها من جملة القرآن خصوصاً مع إثباتها في المصاحف بخطها سلفاً وخلفاً من غير نكير، فعلم منه أنها من جملة القرآن، تأمل.
قال السيوطي في إتقانه إن أول سورة اقرأ مشتمل على نظير ما اشتملت عليه الفاتحة من براعة الاستهلال لكونها أول ما نزل من القرآن فإن فيها الأمر بالقراءة وفيها البداءة باسم الله وفيها الإشارة إلى علم الأحكام، وفيها ما يتعلق بتوحيد الرب وإثبات ذاته وصفاته من صفة ذات وصفة فعل، وفي هذا الإشارة إلى أصول الدين وفيها ما يتعلق بالإخبار من قوله (علم الإنسان ما لم يعلم) ولهذا قيل إنها جديرة أن تسمى عنوان القرآن لأن عنوان الكتاب يجمع مقاصده بعبارة وجيزة في أوله انتهى ذكره ابن لقيمة في حاشية البيضاوي، والتعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن التربية والتبليغ إلى الكمال اللائق شيئاًً فشيئاًً مع الإضافة إلى ضميره صلى الله عليه وآله وسلم للإشعار بتبليغه صلى الله عليه وآله وسلم إلى الغاية القاصية من الكمالات، البشرية، قاله أبو السعود.
ثم وصف الرب بقوله (الذي خلق) لتذكير أول النعم الفائضة عليه منه تعالى، لأن الخلق هو أعظم النعم وعليه يترتب سائر النعم، قال الكلبي يعني الخلائق وفيه تنبيه على أن من قدر على خلق الإنسان على ما هو عليه من الحياة وما يتبعها من الكمالات قادر على تعليم القراءة.
(خلق الإنسان من علق) يعني بني آدم، والعلقة الدم الجامد، وإذا جرى فهو المسفوح، وقال من علق يجمع علقة لأن المراد بالإنسان الجنس،