ثم ذكر سبحانه أحوال الناس وتفرقهم فريقين على جهة الإجمال فقال: "
(فأما من ثقلت موازينه) " بإتباعه الحق، وقد تقدم القول في الميزان في سورة الأعراف وسورة الكهف وسورة الأنبياء، وقد اختلف فيها هنا فقيل هي جمع موزون وهو العمل الذي له وزن وخطر عند الله، وبه قال الفراء وغيره وقيل هي جمع ميزان وهو الآلة التي توضع فيها صحائف الأعمال، وعبر عنه بلفظ الجمع كما يقال لكل حادثة ميزان. وقيل المراد بالموازين الحجج والدلائل.
(فهو في عيشة) " حياة " (راضية) " طيبة أو مرضية " فهو إسناد مجازي أو استعارة مكنية وتخييلية أو هي بمعنى المفعول على التجوز في الكلمة نفسها، قال الزجاج: أي ذات رضا يرضاها صاحبها يعني أنها للنسب.
وقيل المعنى فاعلة للرضاء وهو اللين والإنقياد لأهلها، والعيشة كلمة تجمع النعم التي في الجنة.
(وأما من خفت موازينه) " أي رجحت سيئاته على حسناته أو لم تكن له حسنات يعتد بها "
(فأمه هاوية) " أي فمسكنه جهنم وسماها أمه لأنه يأوي إليها كما يأوي إلى أمه، والهاوية من أسماء جهنم، وهي آخر الطبقات السبع وسميت هاوية لأنه يهوي فيها مع بعد قعرها، والمهوى والمهواة ما بين الجبلين، وتهاوى القوم في المهواة إذا سقط بعضهم في إثر بعض.
قال قتادة يعني فمصيره إلى النار، قال عكرمة لأنه يهوي فيها على أم رأسه، قال الأخفش أمه مستقرة، قال ابن عباس هاوية كقوله هوت أمه، وعن عكرمة قال أم رأسه هاوية في جهنم.
قال الخطيب أي نار نازلة سافلة جداً فهو بحيث لا يزال يهوي فيها نازلاً فهو في عيشة ساخطة فالآية من الإحتباك: ذكر العيشة أولاً دليلاً على حذفها ثانياً وذكر الأم ثانياً دليلاً على حذفها أولاً.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:


الصفحة التالية
Icon