ثم بيّنها سبحانه فقال
(نار الله الموقدة) بأمر الله سبحانه التي لا تخمد أبداً ووجب وتحتم إيقادها، وفي إضافتها إلى الاسم الشريف تعظيم لها وتفخيم، وكذلك في وصفها بالإيقاد.
(التي تطلع على الأفئدة) أي يخلص حرها إلى القلوب فيعلوها ويغشاها، وخص الأفئدة بالذكر مع كونها تغشى جميع أبدانهم لأنها محل العقائد الزائغة والنيات الخبيثة ومنشأ الأعمال السيئة، أو لكون الألم إذا وصل إليها مات صاحبها لأن الفؤاد ألطف ما في الجسد وأشد تألماً بأدنى أذى يمسه أي أنهم في حال من يموت وهم لا يموتون كما قال تعالى (لا يموت فيها ولا يحيى) وقيل المعنى أنها تعلم بمقدار ما يستحقه كل واحد من العذاب وذلك بأمارات عرفها الله بها.
(إنها عليهم مؤصدة) أي مطبقة مغلقة كما تقدم بيانه في سورة البلد، يقال أصدت الباب إذا أغلقته، وقال ابن عباس مطبقة، وجمع الضمير في عليهم رعاية لمعنى كل.
(في عمد ممددة) في محل نصب على الحال من الضمير في عليهم أي كائنين في عمد ممددة موثقين فيها أو في محل رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هم في عمد أو صفة لمؤصدة أي مؤصدة بعمد ممددة.
قال مقاتل أطبقت الأبواب عليهم ثم شدت بأوتاد من حديد فلا يفتح عليهم باب ولا يدخل عليهم روح.
ومعنى كون العمدة ممددة أنها مطولة وهي أرسخ من القصيرة، وقيل العمد أغلال في جهنم، وقيل القيود، وقال قتادة المعنى هم في عمد يعذبون بها، واختار هذا ابن جرير.
قرأ الجمهور عمد بفتح العين والميم، وقيل هو اسم جمع لعمود، وقيل جمع له، قال الفراء هي جمع لعمود كأديم وأدم، وقال أبو عبيدة هي جمع عماد.


الصفحة التالية
Icon