من هذا الكتاب فاعملوا عليه، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه " أخرجه ابن سعد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب والخطيب (١).
قال المحلي (أباً) أي ما ترعاه البهائم أي سواء كان رطباً أو يابساً فهو أعم من القضب وقيل التين وعليه فالمغايرة بينه وبين القضب ظاهرة.
_________
(١) وما ورد من أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه سئل عن قوله تعالى: (وفاكهة وأباً) فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلّني إن قلت في كتاب الله ما لا أعلم، فقد رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في " فضائل القرآن "، من رواية محمد بن زيد عن العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي عن أبي بكر رضي الله عنه، وهو منقطع بين إبراهيم التيمي وبين أبي بكر رضي الله عنه. وقد روى ابن جرير قال: حدثنا بشار، حدثنا ابن أبي عدي، حدثنا حميد، عن أنس قال: قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه (عبس وتولى) حتى أتى على هذه الآية (وفاكهة وأباً) قال: قد عرفنا ما الفاكهة فما الأب؟ فقال: لعمرك يا ابن الخطاب إن هذا لهو التكلف. قال ابن كثير: وهذا إسناد صحيح، إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد رواه غير واحد عن أنس به، ولكن هذا محمول على أنه أراد أن يعرف شكله وجنسه وعينه، وإلا فهو وكل من قرأ هذه الآية يعلم أنه من نبات الأرض، لقوله تعالى: (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا).
(متاعاً لكم) منصوب بأنبتنا لأنه مصدر مؤكد لعامله لأن إنباته الأشياء إمتاع لجميع الحيوانات، ويحتمل أن العامل محذوف تقديره فعل ذلك متاعاً لكم أو متعكم بذلك تمتيعاً لكم (ولأنعامكم) جمع نعم وهي الإبل والبقر والغنم.
ثم شرع سبحانه في بيان أحوال المعاد فقال:
(فإذا جاءت الصاخة) يعني صيحة يوم القيامة، وسميت صاخة لشدة صوتها لأنها تصخ الآذان أي تصمها فلا تسمع، وقيل لأنها تصخ لها الأسماع من قولك أصاخ إلى كذا أي ْاستمع إليه، والأول أصح قال الخليل: الصاخة صيحة تصخ الآذان حتى تصمها لشدة وقعها، وأصل الكلمة في اللغة مأخوذ من الصك الشديد يقال، صخه الحجر إذا صكه به، وقال ابن عباس: الصاخة من أسماء يوم القيامة.
قال ابن الأعرابي: الصاخة التي تورث الصمم وأنها لمسمعة، وهذا


الصفحة التالية
Icon