مكانه، وكذلك استبداله ومنه قوله تعالى (ومن يتبدّل الكفر بالإيمان فقد ضلّ سواء السبيل) وقوله (اتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) وأما التبديل فقد يستعمل كذلك كما في قوله (وبدلناهم بجنتيهم جنتين) وأخرى بالعكس كما في قولك بدلت الحلقة بالخاتم إذا أذبتها وجعلتها خاتماً، نص عليه الأزهري.
وذهب جماعة من المفسرين إلى أن المنهي عنه في هذه الآية يعني (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) هو الخلط فيكون الفعل مضمناً معنى الضم أي لا تأكلوا أموالهم مضمومة إلى أموالكم، وهذا نهي عن منكر آخر كانوا يفعلونه بأموال اليتامى، وخص النهي بالمضموم وإن كان أكل مال اليتيم حراماً وإن لم يضم إلى مال الوصي، لأن أكل ماله مع الاستغناء عنه أقبح، فلذلك خص النهي به أو لأنهم كانوا يأكلونه مع الاستغناء عنه، فجاء النهي على ما وقع منهم فالقيد للتشنيع.
وإذا كان التقييد لهذا الغرض لم يلزم القائل بمفهوم المخالفة جواز أكل أموالهم وحدها، قاله الكرخي، ثم نسخ هذا بقوله تعالى (وإن تخالطوهم فإخوانكم) وقيل إن إلى بمعنى مع كقوله تعالى (من أنصاري إلى الله) والأول أولى.
(إنه) أي أكل مال اليتيم من غير حق أو التبديل المفهوم من (لا تتبدلوا) أو المراد كلاهما ذهاباً بها مذهب اسم الإشارة نحو (عوان بين ذلك) والأول أولى لأنه أقرب مذكور (كان حوباً) قرىء بضم الحاء وبفتحها، وحابا بالألف لغات في المصدر، والفتح لغة تميم، وهو الإثم، يقال حاب الرجل يحوب حوباً إذا أثم واكتسب الإثم، وأصله الزجر للإبل فسمي الإثم حوباً لأنه يزجر عنه، والحوبة الحاجة والحوب أيضاً الوحشة والتحوب التحزن.


الصفحة التالية
Icon