والاستكثار من الاستدلال على وجوب طاعة الله وطاعة رسوله لا يأتي بعائدة ولا فائدة زائدة فليس أحد من المسلمين يخالف في ذلك، ومن أنكره فهو خارج عن حزب المسلمين.
إنّما أوردنا هذه الآيات الكريمة والبينات العظيمة تلييناً لقلب المقلّد الذي قد جمد وصار كالجلمد فإنه إذا سمع مثل هذه الأوامر القرآنية ربما امتثلها وأخذ دينه من كتاب الله وسنة رسوله - ﷺ - طاعة لأوامره، فإن هذه الطاعة وإن كانت معلومه لكل مسلم لكن الإنسان قد يذهل عن القوارع الفرقانية والزواجر المحمدية، فإذا ذُكّر بها ذكر، ولا سيما من نشأ على التقليد وأدرك سلفه ثابتين عليه غير متزحزحين عنه فإنه يقع في قلبه أن دين الإسلام هو هذا الذي هو عليه، وما كان مخالفاً له فليس من الإسلام في شيء، فإذا راجع نفسه رجع.
ولهذا تجد الرجل إذا نشأ على مذهب من هذه المذاهب ثم سمع قبل أن يتمرن بالعلم ويعرف ما قاله الناس خلاف ذلك المألوف استنكره وأباه قلبه، ونفر عنه طبعه، وقد رأينا وسمعنا من هذا الجنس ما لا يأتي عليه الحصر. ولكن إذا وازن العاقل بعقله بين من اتبع أحد أئمة المذاهب في مسئلة من مسائله التي رواها عنه المقلد، ولا مستند لذلك العالم فيها بل قالها بمحض الرأي لعدم وقوفه على الدليل، وبين من تمسك في تلك المسئلة بخصوصها بالدليل الثابث في القرآن أو السنة أفاده العقل بأن بينهما مسافات تنقطع فيها أعناق الإبل لا جامع بينهما لأن من تمسك بالدليل أخذ بما أوجب الله عليه الأخذ به، واتبع ما شرعه الشارع لجميع الأمة أولها وآخرها وحيّها وميتها.
والعالم يمكنه الوقوف على الدليل من دون أن يرجع إلى غيره، والجاهل يمكنه الوقوف على الدليل بسؤال علماء الشريعة واسترواء النص، وكيف حكم الله في محكم كتابه أو على لسان رسوله في تلك المسئلة، فيفيدونه النص إن