وعكرمة وهو مذهب أبي حنيفة.
وأما المجوس فذهب الجمهور إلى أنها لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم لأنهم ليسوا بأهل كتاب على المشهور عند أهل العلم، وكذا سائر أهل الشرك من مشركي العرب وعبدة الأصنام ومن لا كتاب له، وخالف ذلك أبو ثور وأنكر عليه الفقهاء ذلك حتى قال أحمد: أبو ثور كاسمه في هذه المسئلة.
وكأنه تمسك بما يروى عن النبي - ﷺ - مرسلاً أنه قال في المجوس " سُنّوا بهم سنة أهل الكتاب " ولم يثبت بهذا اللفظ، وعلى فرض أن له أصلاً ففيه زيادة تدفع ما قاله وهي قوله " غير آكلي ذبائحهم ولا ناكحي نسائهم " وقد رواه بهذه الزيادة جماعة ممن لا خبرة له بفن الحديث من المفسرين والفقهاء، ولم يثبت الأصل ولا الزيادة بل الذي ثبت في الصحيح أن النبي - ﷺ - أخذ الجزية من مجوس هجر.
وأما بنو تغلب فكان علي بن أبي طالب ينهى عن ذبائحهم لأنهم عرب، وكان يقول إنهم لم يتمسكوا بشيء من النصرانية إلا بشرب الخمر، وهكذا سائر العرب المتنصرة كتنوخ وجذام ولخم وعاملة ومن أشبههم، قال ابن كثير (١) وهو قول غير واحد من السلف والخلف.
وروي عن سعيد بن المسيب والحسن البصري أنهما كانا لا يريان بأساً بذبيحة نصارى بني تغلب، وقال القرطبي وقال جمهور الأمة: إن ذبيحة كل نصراني حلال سواء كان من بني تغلب أو من غيرهم وكذلك اليهود قال ولا خلاف بين العلماء أن ما لا يحتاج إلى ذكاة كالطعام يجوز أكله، وزعم قوم أن هذه الآية اقتضت إباحة ذبائح أهل الكتاب مطلقاً وإن ذكروا غير اسم الله
_________
(١) تفسير ابن كثير ٢/ ٢٠.


الصفحة التالية
Icon