وقال الحكم بن عتبة من بين أيديهم أي من قبل الدنيا فأزينها لهم، ومن خلفهم من قبل الآخرة فأثبطهم عنها، وعن أيمانهم من قبل الحق فأصدهم عنه وعن شمائلهم من قبل الباطل فأزينه لهم.
وقال قتادة: أتاك إبليس يا ابن آدم من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله تعالى، ونحوه عن ابن عباس ولفظه ولا يستطيع أن يأتي من فوقهم لئلا يحول بين العبد وبين رحمة الله تعالى، قيل ولا يأتي أيضاً من تحتهم إما لأنه متكبر يحب العلو وإما لأن الإتيان منها ينفر ويفزع المأتي وهو يحب تأليفه لا تنفيره فلا يأتي إلا من الجهات الأربع.
قال مجاهد: يأتيهم من الجهات الأربع من حيث لا يبصرون وقيل من بين أيديهم فيما بقي من أعمارهم فلا يقدمون فيه طاعة، ومن خلفهم فيما مضى من أعمارهم فلا يتوبون " عما أسلفوا فيه من معصية، وعن أيمانهم من قبل الغنى فلا ينفقون ولا يشكرون وعن شمائلهم من قبل الفقر فلا يمتنعون فيه من محظور نالوه.
وعن شقيق البلخي ما من صباح إلا قعد لي الشيطان على أربع مراصد من بين يدي فيقول لا تخف فإن الله غفور رحيم فأقرأ (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً) ومن خلفي فيخوفني الضيعة على مخلفي أي وقوع أولادي في الفقر فأقرأ (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) وعن يميني فيأتيني من قبل الثناء فأقرأ (والعاقبة للمتقين) وعن شمالي فيأتيني من قبل الشهوات فأقرأ (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) قال النسفي: ولم يقل من فوقهم ومن تحتهم لمكان الرحمة والسجدة.
وقيل إن ذكر هذه الجهات الأربع إنما أريد به التأكيد والمبالغة في إلقاء