يقال قطع يد صاحبه إذا خدشها وقيل المراد بالأيدي هنا أناملهن وقيل أكمامهن والمعنى أنه لما خرج يوسف عليهن أعظمنه ودهشن وراعهن حسنه حتى اضطربت أيديهن فوقع القطع عليها وهن في شغل عن ذلك بما دهمهن مما تطيش عنده الأحلام وتضطرب له الأبدان وتزول العقول، قال مجاهد: فما أحسن إلا بالدم وقال قتادة: أبنَّ أيديهن حتى ألقينها والأصح أنه كان قطعاً من غير إبانة وعن منبه عن أبيه قال: مات من النسوة اللاتي قطعن أيديهن تسع عشرة امرأة كمداً.
(وقلن حاش الله) قرئ بإثبات الألف وبحذفها وبإسكان الشين حاش لله وقرئ حاش الإله وحاشا الله، قلت إثبات الألف وحذفها قراءتان سبعيتان وهذا بالنظر للنطق وأما رسم المصحف فلا تكتب فيه ألف بعد الشين وأن نطق بها قال الزجاج: أصل الكلمة من الحاشية بمعنى الناحية يقال كنت في حاشية فلان أي في ناحيته فقولك حاشا لزيد من هذا أي تباعد منه وقال أبو علي: هو من المحاشاة وقيل أن حاش حرف وحاشا فعل.
وكلام أهل النحو في هذه الكلمة معروف ومعناها هنا التنزيه كما تقول آسى القوم حاشا زيداً فمعنى حاشا لله براءة لله وتنزيه له أي صفة العجز عن خلق هذا وأمثاله قال مجاهد: حاشا لله معاذ الله.
(ما هذا بشراً) إعمال " ما " عمل " ليس " هي في لغة أهل الحجاز وبهذا نزل القرآن كهذه وكقوله سبحانه (ما هن أمهاتهم) وأما بنو تميم فلا يعملونها عمل ليس وقال الكوفيون: أصله ما هذا ببشر فلما حذفت الباء انتصب قال أحمد ابن يحيى ثعلب: إذا قلت ما زيد بمنطلق فموضع الباء موضع نصب وهكذا سائر حروف الخفض.
وأما الخليل وسيبويه وجمهور النحويين فقد أعملوها عمل ليس وبه قال البصريون والبحث مقرر في كتب النحو بشواهده وحججه وقرأ الحسن وما هذا بشراً على أن الباء حرف جر والشين مكسورة أي ما هذا بعبد يشترى وهذه قراءة ضعيفة لا تناسب ما بعدها من قوله إن هذا إلا ملك كريم.