(بإذن ربهم) أي بأمره وعلمه وتيسيره وتسهيله، قال الزجاج؛ أي بما أذن لك من تعليمهم ودعائهم إلى الإيمان (إلى صراط العزيز الحميد) بدل من قوله إلى النور بتكرير العامل كما يقع مثله كثيراً أي لتخرج الناس من الظلمات إلى صراط العزيز الحميد وهو طريقة الله الواضحة التي شرعها الله لعباده وأمرهم بالمصير إليها والدخول فيها.
ويجوز أن يكون مستأنفاً كأنه قيل ما هذا النور الذي أخرجهم إليه فقيل صراط العزيز الحميد لأنه نور في نفسه طريق للخلود في الجنة المؤبد، وإضافة الصراط إلى الله تعالى لأنه المظهر له وأفهم بتخصيص الوصفين أنه لا يزل سالكه ولا يخيب قاصده، والعزيز هو القادر الغالب الغني عن جميع الحاجات، والحميد هو الكامل في استحقاق الحمد.
(الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض) قرأ الجمهور بالجر على أنه عطف بيان لكونه من الأعلام الغالبة فلا يصح وصف ما قبله به لأن العلم لا يوصف به، وقيل يجوز أن يوصف به من حيث المعنى وقرأ نافع وابن عامر بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو الله المتصف بملك ما فيهما خلقاً وملكاً وعبيداً وكان يعقوب إذا وقف على الحميد رفع وإذا وصل خفض، قال ابن الأنباري: من خفض وقف على وما في الأرض.
ثم توعد من لا يعترف بربوبيته فقال (وويل للكافرين من عذاب شديد) معدّ لهم في الآخرة، وقد تقدم بيان معنى الويل وأصله النصب كسائر المصادر ثم رفع للدلالة على الثبات، قال الزجاج: هي كلمة تقال للعذاب والهلكة فدعا سبحانه وتعالى بذلك على من لم يخرج من الكفار بهداية رسول الله ﷺ بما أنزله الله عليه مما هو فيه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، قيل والويل هو نقيض لو أل أي النجاة وقيل الويل واد في جهنم، ومن بيانية وقيل الويل بمعنى التأوه فمن للتعدية أي يولولون ويضجون


الصفحة التالية
Icon