يتعجب الناس منه، أو جمع حديث على غير قياس، وفي السمين ولكنه شاذ.
وقال الأخفش: إنما يقال ذلك في الشر ولا يقال في الخير، كما يقال صار فلان حديثاً، أي عبرة، وكما قال سبحانه في آية أخرى (فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق).
قلت: وهذه الكلية غير مسلمة، فقد يقال صار فلان حديثاً حسناً، وقد شذت العرب في ألفاظ فجمعوها على صيغة أفاعيل كأباطيل وأقاطيع. وقال الزمخشري: الأحاديث تكون اسم جمع للحديث. ومنه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفاعيل ليس من أبنية اسم الجمع، وإنما ذكره أصحابنا فيما شذ من الجموع، كقطيع وأقاطيع، وإذا كان عباديد قد حكموا عليه بأنه جمع تكسير مع أنهم لم يلفظوا له بواحد فأحرى أحاديث، وقد لفظ له بواحد وهو حديث، فاتضح أنه جمع تكسير لا اسم جمع لما ذكرنا.
(فبعداً لقوم) دعاء عليهم (لا يؤمنون) وصفهم هنا بعدم الإيمان، وفيما سبق قريباً بالظلم لكون كل من الوصفين صادراً عن كل طائفة من الطائفتين، أو لكون هؤلاء لم يقع منهم إلا مجرد عدم التصديق، وأولئك ضموا إليه تلك الأقوال الشنيعة التي هي أشد الظلم وأفظعه، ثم حكى سبحانه ما وقع من فرعون وقومه عند إرسال موسى وهارون إليهم فقال:
(ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون) متلبسين (بآياتنا) هي التسع المتقدم ذكرها غير مرة، ولا يصح عد فلق البحر منها هنا، لأن المراد الآيات التي كذبوا بها واستكبروا عنها (وسلطان مبين) المراد به الحجة الواضحة البينة، قيل هي الآيات التسع نفسها، والعطف من باب:
إلى الملك القرم وابن الهمام
وقيل أراد العصا لأنها أم الآيات فيكون من باب عطف جبريل على الملائكة وقيل المراد بالآيات الدلائل التي كانت لهما، وبالسلطان المبين التسع


الصفحة التالية
Icon