الذي ظلموا به أنفسهم، وبين المعاصي التي ظلموا بها غيرهم، كاستعباد بني إسرائيل وذبح أبنائهم، وكانوا في ذلك الوقت ستمائة ألف وثلاثين ألفاً.
(قوم فرعون) يعني القبط، عطف بيان. كان معنى القوم الظالمين وترجمته قوم فرعون، وكأنهما عبارتان تعتقبان على مؤدى واحد.
(ألا يتقون) أي: ألا يخافون عقاب الله سبحانه، فيصرفون عن أنفسهم عقوبته بطاعته. وقيل: المعنى قل لهم: ألا تتقون. وجاء بالتحتية لأنهم غيب وقت الخطاب. وقرئ بالفوقية أي قل لهم ذلك ومثله قل للذين كفروا ستغلبون بالتحتية والفوقية أو ائتهم زاجراً فقد آن لهم أن يتقوا، وهي كلمة حث وإغراء. وقيل: يظلمون غير متقين الله وعقابه، وعلى هذا حال من الضمير في الظالمين.
(قال) موسى، واعتذر بثلاثة أعذار كل منها مرتب على ما قبله، وليس مراده الامتناع من الرسالة، بل إظهار العجز عن هذا الأمر الثقيل، وطلب المعونة عليه من الله.
(رب إني أخاف أن يكذبون) في الرسالة، والخوف غم يلحق الإنسان لأمر سيقع.
(ويضيق صدري) بتكذيبهم إياي.
(ولا ينطلق لساني) أي بتأدية الرسالة لعقدة كانت على لسانه، قرئ يضيق وينطلق، بالرفع على العطف، أو على الاستئناف وبنصبهما. قال الفراء: كلتا القراءتين لها وجه. قال النحاس: الوجه الرفع، لأن النصف عطف على (يكذبون) وهذا بعيد.
(فأرسل) جبريل بالوحي (إلى) أخي (هارون) ليكون معي رسولاً موازراً مظاهراً معاوناً، ولم يذكر الموازرة هنا لأنها معلومة من غير هذا الموضع، كقوله في طه: (واجعل لي وزيراً من أهلي). وفي القصص: (أرسله معي ردءاً يصدقني). وكان هارون بمصر حين بعث موسى نبياً بالشام، وهذا من موسى عليه السلام من باب طلب المعاونة له، والتماس العون في تبليغ الرسالة بإرسال


الصفحة التالية
Icon