قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢١) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (٢٢) قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (٢٥) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٢٦) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧)
(قال) موسى مجيباً لفرعون (فعلتها إذاً) أي فعلت هذه الفعلة التي ذكرت وهي قتل القبطي (وأنا) إذ ذاك (من الضالين) أي: الجاهلين قاله ابن عباس فنفى عليه الصلاة والسلام عن نفسه الكفر، وأخبر أنه فعل ذلك على الجهل قبل أن يأتيه العلم الذي علمه الله، وقيل: المعنى من الجاهلين أن تلك الوكزة تبلغ القتل، وقال أبو عبيدة: من الناسين، وقيل: من المخطئين. قال ابن جرير: العرب تضع الضلال موضع الجهل والجهل موضع الضلال.
(ففررت منكم) أي خرجت من بينكم إلى مدين كما في سورة القصص (لمّا خفتكم) أن تقتلوني وذلك حين قال له مؤمن من آل فرعون: إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج، الآية.
(فوهب لي ربي) أي نبوة أو علماً وفهماً، وقال الزجاج: المراد بالحكم تيعليمه التوراة التي فيها حكم الله.
(وجعلني من المرسلين) أي من جملة رسله رد بذلك ما وبخه به فرعون قدحاً في نبوته وهو القتل بغير حق ووجه الرد أن موهبة الحكم والنبوة كانت بعد تلك الحادثة.
(وتلك نعمة تمنها عليَّ) قيل هذا الكلام من موسى على جهة الإقرار بالنعمة، كأنه قال نعم تلك التربية نعمة تمن بها عليَّ، ولكن لا يدفع ذلك رسالتي، وبهذا


الصفحة التالية
Icon