قال الفراء وابن جرير.
وقيل: هو من موسى على جهة الإنكار أي أتمنّ عليَّ بأن ربيتني وليداً، وأنت قد استعبدت بني إسرائيل وقتلتهم، وهم قومي قال الزجاج: المفسرون أخرجوا هذا على جهة الإنكار لأن يكون ما ذكر فرعون نعمة على موسى، واللفظ لفظ خبر، وفيه تبكيت للمخاطب على معنى أنك لو كنت لا تقتل أبناء بني إسرائيل لكانت أمي مستغنية عن قذفي في البحر، فكأنك تمنّ على ما كان بلاؤك سبباً له، وذكر نحوه الأزهري بأبسط منه.
وقال المبرد: يقول. التربية كانت بالسبب الذي ذكرت من التعبّد، أي: تربيتك إياي كانت لأجل التملك والقهر لقومي. وقيلْ إن في الكلام تقدير الاستفهام، أي: أو تلك نعمة؛ قاله الأخفش وأنكره النحاس قال الفراء: ومن قال: إن الكلام إنكار قال: أو تلك نعمه؟ أي ليست هذه نعمة حتى تمنّ بها عليّ.
ومعنى (أن عبدت بني إسرائيل) أن اتخذتهم عبيداً، يقال عبّدته وأعبدته بمعنى كذا قال الفراء، ومحله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو بدل من نعمة، والجر بإضمار الباء، والنصب بحذفها، وعن مجاهد قال: عبدّت بني إسرائيل وقهرتهم واستعملتهم. وفيه أوجه سبعة ذكرها السمين.
(قال فرعون وما رب العالمين) أي لما سمع قول موسى وهارون (إنّا رسول رب العالمين) قال مستفسراً لهما عن ذلك، عازماً على الاعتراض لما قالاه، أي: أي شيء هو؟ وجاء في الاستفهام بـ (ما) التي يستفهم بها عن المجهول، ويطلب بها تعيين الجنس. وقيل: معناه وما صفته؟ تقول ما زيد؟ أي طويل أم قصير؟ فقيه أم طبيب؟ نص عليه صاحب الكشاف وغيره.
فلما قال فرعون ذلك
(قال) موسى: (رب السماوات والأرض وما بينهما) أي بيّن الجنسين فعيّن له ما أراد بالعالمين، وترك جواب ما سأل عنه فرعون لأنه سأل عن جنس رب العالمين، ولا جنس له، فأجابه موسى بما يدل على عظيم القدرة الإلهية التي تتضح لكل سامع أنه سبحانه الربّ ولا ربّ غيره، وفيه إبطال


الصفحة التالية
Icon