الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ [الملك: ٤] وقولهم: لبيك وسعديك، وعلى ذلك يكون المراد بالمثانى فى وصف الفاتحة مثل المراد بالمثانى فى قوله تعالى: كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ [الزمر: ٢٣] أى مكرر القصص والأغراض «١».
ومن أسمائها كذلك «٢» ما ذكره القرطبى فى تفسيره زيادة على ما ذكر: إنها سميت بالصلاة، وهذا الاسم مأخوذ من الحديث القدسى الذى يقول الله عز وجل فيه:
«قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين» وهذه القسمة تتناول آيات الفاتحة التى يقرأها المصلى فى كل ركعة.
وسميت كذلك سورة الحمد، لأن فيها ذكر الحمد كما يقال: سورة الأعراف، والأنفال والتوبة ونحوها.
وسميت كذلك بالشفاء لما جاء فى مسند الدارمى عن عبد الله بن عمير قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «فى فاتحة الكتاب شفاء من كل داء». وفى رواية عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «فاتحة الكتاب شفاء من كل سم».
وسميت كذلك بالرقية لما أخرجه أبو عبيدة وأحمد والبخارى ومسلم وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجة والحاكم والبيهقى عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال:
بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى سريّة: ثلاثين راكبا فنزلنا بقوم من العرب فسألناهم أن يضيفونا فأبوا فلدغ سيدهم فأتونا فقالوا: فيكم أحد يرقى من العقرب، فقلت: نعم أنا، ولكن لا أفعل حتى تعطونا شيئا، قالوا: فإنا نعطيكم ثلاثين شاة، فقال: فقرأنا عليه «الحمد» سبع مرات، فبرأ فلما قبضنا الغنم عرض فى أنفسنا منها فكففنا حتى أتينا النبى صلّى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له فقال:
«أما علمت أنها رقية، اقتسموها واضربوا لى معكم بسهم» «٣».
فجاء فى هذه الرواية تسمية السورة باسم الحمد على لسان أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه، وجاء تسميتها بالرقية على لسان رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وزادهم اطمئنانا على سلامة ما صنعوا وعدم تحرجهم مما أخذوا بأن قال لهم: «واضربوا لى معكم سهم».

(١) التحرير والتنوير ١/ ١٣٥، وروح المعانى ١/ ٣٨.
(٢) فتح القدير ١/ ١٥، التحرير والتنوير ١/ ١٣١، والدر المنثور ١/ ١٤، والقرطبى ١/ ١١١، ١١٢.
(٣) الدر المنثور ١/ ٤، المطبعة الشعبية ببيروت.


الصفحة التالية
Icon