وسميت كذلك بالوافية ذكر ذلك سفيان بن عيينة، لأنها لا تقبل التنصيف وقال الثعلبى: ألا ترى أن كل سورة من القرآن لو قرئ نصفها فى ركعة والنصف الآخر فى ركعة أخرى لجاز، وهذا التنصيف غير جائز فى هذه السورة.
وسميت كذلك بالكافية، جاء ذلك عن عبد الله بن يحيى بن أبى كثير أنه سأله سائل عن قراءة الفاتحة خلف الإمام، فقال: عن الكافية تسأل؟ قال السائل: وما الكافية؟ قال:
الفاتحة، أما علمت أنها تكفى عن سواها ولا يكفى سواها عنها «١».
بهذه الأسماء والصفات والألقاب سميت الفاتحة، وسميت ووصفت بغيرها أيضا، فقد ذكر الإمام السيوطى فى الأنقاض منها أكثر من ذلك بين ألقاب وصفات جرت على ألسنة القراء والعلماء، وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى.
ونتابع القول فى سورة الفاتحة بعد أن تناولنا نزولها وأسماءها، بقى أمامنا أمران:
الأول: ما قيل فى البسملة وعدّها من آيات، سورة الفاتحة، والثانى: يحمل المعانى على ترتيبها من التنزيل الكريم.
فأما الأمر الأول: فإن ذكر البسملة بصيغتها الكاملة «بسم الله الرحمن الرحيم» مع سورة الفاتحة وإن كان معناها تقدم فى أولى آيات الكتاب الكريم من سورة العلق فى قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) [العلق] وفى هذا توجيه من بداية التنزيل إلى أن يعود الأمر كله لله سبحانه، فهو رب العالمين، وهو الله الرحمن الرحيم، فبسم الله أى: بالله، ومعنى بالله أى: بخلقه وتقديره، وكذلك من معانيها باسم الله يعنى: بعون الله وتوفيقه وبركته فيذكر اسم الله تعالى عند افتتاح القراءة وغيرها؛ حتى يكون الافتتاح ببركة الله- عز وجل- وعلى هذا جاءت التوجيهات القرآنية لتؤكد هذا المعنى وكذلك وردت أحاديث للنبى صلّى الله عليه وسلم لتأكيده فى أول كل فعل كالأكل والشرب والنحر والجماع والطهارة وركوب البحر إلى غير ذلك من الأفعال قال الله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام: ١١٨]، وقال تعالى: وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها [هود: ٤١]، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أغلق بابك واذكر اسم الله، وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله، وقمر إناءك واذكر اسم الله، وأوكئ سقاءك واذكر اسم الله»، وقال صلّى الله عليه وسلم: «لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتى