سورة الناس؟
تضمنت المعوذتان التنبيه على مجموعة من المخاطر التى لا سلامة منها إلا باللجوء إلى رب الفلق وربّ الناس سبحانه وتعالى. وإذا كان الفلق هو الصبح كما يذكر ابن عباس رضي الله عنه وغيره «١»، ومثل ذلك قوله تعالى: فالِقُ الْإِصْباحِ [الأنعام: ٩٦] أو كان الفلق بمعنى الخلق كما ذكر علىّ بن أبى طلحة عن ابن عباس أيضا فإنه يذكر للمؤمنين- هنا- وأمر للنبى صلّى الله عليه وسلم بأن يتعوذ بفالق الإصباح، فإنه وحده هو الذى يخرج من يقع تحت وطأة ظلمات الليل وما تصحبها من مخاوف وما يكتنفها من توقع للمخاطر، وما يحدث فيه من هجمات الهموم والأحزان، ومن هجمات اللصوص وقطاع الطرق، وما يثيره لدى ضعاف النفوس من إمكانية إيقاع الشرور فى خفاء دون أن يبصّرهم أحد. هذا الليل المشحون يمثل هذه المخاطر والتى عبر عنها شاعر جاهلى بقوله:
وليل كموج البحر أرخى سدوله | علىّ بأنواع الهموم ليبتلى |
فقلت له لما تمطّى بصلبه | وأردف أعجازا وناء بكلكل |
ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلى | بصبح وما الإصباح منك بأمثل |
وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣) أى من شرّ الليل إذا أقبل بظلامه، قال ذلك مجاهد وحكاه البخارى.
ففي هذا تحصين من الزمان وما يحدث فيه بصدق اللجوء إلى رب الفلق سبحانه، وتنبه سورة الفلق كذلك إلى مصادر أخرى للشرّ تكمن فى نفوس مريضة لم تحسن