وما يتصف به من شمائل لا يخزيه الله أبدا؛ فهو الذى يصل الرحم، ويعين الضعفاء، ويعطى المحتاجين، ويأخذ بأيديهم، ويكرم الضيف، ويعين على المصائب التى تقع على الناس، ومن يفعل هذا صاحب نفس مطمئنة، وقلب سليم، فما يجده إنما يكون من روعة اللقاء الأول مع جبريل فى هيئته الملكية.
وأما الرؤية الثانية التى رأى فيها الرسول صلّى الله عليه وسلم جبريل عليه السّلام على هيئته، ففي ليلة المعراج، عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، ولم يأت فى حديث النبى صلّى الله عليه وسلم ما يفيد أنه خشى، أو رجف فؤاده، من هذه الرؤية الثانية، وهذا يدعم ما ذهبنا إليه من روعة اللقاء الأول، وعلى الصورة التى فصلناها. وفى الثانية كذلك كانت الرؤية مصحوبة بالوعى التام، ما زاغ البصر من النبى صلّى الله عليه وسلم، وما مال بصره عن مرئيه المقصود له ولا جاوزه تلك الليلة.
هذه هى المرتبة الثانية من مراتب الوحى وصوره التى تحققت للنبى صلّى الله عليه وسلم، وهى مجىء ملك الوحى على هيئته الملكية.