هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (٤٩) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ (٥٠) مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ (٥١) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ (٥٢) هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ (٥٣) إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ (٥٤).
ومع تقديمها للنماذج الكاملة من صفوة خلق الله، ليقتدى بهم فيما كانوا عليه من كريم الخصال وحميد الصفات، وحثّ الناس على اتباع سبيلهم، وبيان ما أعدّ من نعيم لمن سار على ذلك. تذكر الآيات بعد هذا البيان ما ينتظر الطغاة الذين انحرفوا عن هذا السبيل، وأصروا على الكفر واستكبروا استكبارا، وكيف يكون حالهم فى جهنم من خزى وعذاب، فبئس المسكن والمستقر وكيف يذوقون الماء الحار الذى يقطع أمعاءهم، وما يشبه ذلك من أنواع وأصناف، وكيف لا يرحّب بهم ويلعن بعضهم بعضا، ويلقى بعضهم على بعض سبب الوصول إلى هذا المصير.
وتذكر الآيات الكريمة مشهدا ينبه الساخرين من المؤمنين وأنهم مخطئون فى سخريتهم، قال تعالى: هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (٥٦)
هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (٥٧) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (٥٨) هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ (٥٩) قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ (٦٠) قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ (٦١) وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ (٦٢) أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ (٦٣) إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ
(٦٤).
وبعد هذا الإنذار وقبله التبشير يؤمر النبى صلّى الله عليه وسلم بتقرير مهمته وما جاء به من عند ربه من التوحيد والتذكير بالله سبحانه وبأسمائه الحسنى وصفاته العلا، وما يقبلون عليه من مصير إذا أعرضوا عنه، ويقدم لهم أدلة صدقه فى إخباره عن أشياء لا سبيل إلى العلم بها إلا عن طريق الوحى، قال تعالى: قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠).
ومن أخبار هذا الغيب ما يتعلق بخلق آدم عليه السّلام من طين وكيف سواه الله، ونفخ فيه من روحه وأمر ملائكته بالسجود له، وكيف سجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس


الصفحة التالية
Icon