الظلمات إلى النور ومن الضلال إلى الهدى يأتى التعليم القرآنىّ بالقصة المفصّلة التى تعرض ما حدث مع رسل الله السابقين وأممهم.
فهذا نبى الله نوح أرسله الله إلى قومه فأمرهم بعبادة الله وحده، وكانوا يعبدون الأوثان وخوّفهم من عذاب الله إن لم يطيعوه، وتصدّى له الملأ من قومه وهم الرؤساء الأغنياء المتبوعون، ولم يكتفوا بالكفر والإعراض بل قدحوا فيه واتهموه بالضلال المبين، وتلطف نوح فى ردّه عليهم فليس به ضلالة ولكنه رسول من رب العالمين يبلّغ وينصح ويعلم ما لا يعلمون، ولا مجال لعجبهم أن يخصّ بهذا الخير رجل منهم هو نوح عليه السّلام لكنهم كذبوه، وكانت العاقبة أن أنجاه الله ومعه المؤمنون فى الفلك وأغرق المكذبين قال تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٦٠) قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦١) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٦٢) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٦٣) فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ (٦٤).
وهذا نبى الله هود أرسله الله إلى عاد فقال لهم ما قال نوح من قبل: أن اعبدوا الله وحده، وأن اتقوا سخطه وعذابه، وتصدى له الملأ كذلك واتهموه بالسفاهة ورموه بالكذب، وخاطبهم برفق كذلك وأنه ليس به سفاهة ولكنه رسول من رب العالمين يبلغهم رسالة ربه وهو لهم ناصح أمين، وما لهم أن يعجبوا من أن يكون الرسول واحدا منهم وزاد هود فى نصحه ما يذكّرهم بما حدث لقوم نوح قبلهم، وأن الله زادهم بسطة فى الخلق ولكنهم عجبوا من التوحيد بعد التعدد وتعجلوا العذاب، فوقع عليهم وأنجاه الله والذين آمنوا معه. قال تعالى: وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٦٥) قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٦٦) قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٧) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (٦٨) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٦٩) قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠) قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها