أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٧١) فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ (٧٢).
وهذا نبى الله صالح أرسله الله إلى ثمود فدعاهم إلى التوحيد، وقال لهم ما قاله نوح وما قاله هو: اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وجاءهم بآية خارقة ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فكان للناقة شرب ولهم شرب يوم معلوم، فكان عندهم بئر كبيرة يتناوبونها هم والناقة وهى المعروفة ببئر الناقة، فللناقة يوم تشربها، ويشربون اللبن من ضرعها، ولهم يوم يردونها، وتصدر الناقة عنهم. وقال لهم نبيهم صالح عليه السّلام ذروها تأكل فى أرض الله فلا عليكم من مئونتها شىء، ولا تمسوها بسوء، وذكّرهم بنعم الله عليهم حيث مكّن لهم فى الأرض، ويسّر لهم الأسباب التى توصلهم إلى ما يريدون فاتخذوا القصور ونحتوا الجبال بيوتا، وجاءوا بعد عاد وعرفوا ما حدث لهم ونهاهم عن الفساد. فتصدى له كذلك الملأ الذين استكبروا، وحاول الملأ أن يشككوا المستضعفين ويتنوهم عن الإيمان بنبى الله صالح عليه السّلام وعقروا الناقة ولم يستجيبوا لأمر ربهم وتعجّلوا العذاب فأبادهم الله وقطع دابرهم، قال تعالى: وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣) وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٧٤) قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٧٥) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٧٦) فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٧٨) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (٧٩).
وقد حذر الرسول الناس من سلوك سبيل هؤلاء، فأخرج أحمد والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم والطبرانى فى الأوسط وأبو الشيخ والحاكم وصححه، وابن مردويه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما نزل الحجر قام فخطب فقال: «يا أيها الناس لا تسألوا نبيكم عن الآيات. فإن قوم صالح سألوا نبيّهم أن يبعث إليهم آية فبعث الله لهم الناقة، فكانت ترد من هذا الفجّ فتشرب ماءهم يوم وردها، ويحتلبون من لبنها