فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) [المدثر].
والظاهر من هذا أن جابرا رضي الله عنه سمع الرسول الكريم وهو يحدث عن فترة الوحى وفاته ما ذكرته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه فى القول الأول، وإن كان ذلك اجتهادا منه رضي الله عنه فإن النص مقدم على الاجتهاد وعلى ذلك يبقى القول الأول أصح.
وأما القول الثالث: فيرى أصحابه أن أول ما نزل سورة الفاتحة ودليلهم على ذلك ما رواه البيهقى في الدلائل بسنده عن أبى ميسرة عمرو بن شرحبيل أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لخديجة: «إنى إذا خلوت وحدى سمعت نداء فقد والله خشيت على نفسى أن يكون هذا أمرا» قالت: معاذ الله ما كان الله ليفعل بك، إنك لتؤدى الأمانة، وتصل الرحم، وتصدق الحديث، فلما دخل أبو بكر ذكرت خديجة حديثه لها وقالت: اذهب مع محمد إلى ورقة فانطلقا فقصا عليه فقال: «إذا خلوت وحدى سمعت نداء خلفى
يا محمد يا محمد، فأنطلق هاربا فى الأفق»، فقال: لا تفعل إذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول. ثم ائتنى فأخبرنى. فلما خلا ناداه يا محمد قل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) حتى بلغ: وَلَا الضَّالِّينَ (٧) [الفاتحة]. وهذا الحديث مرسل سقط من سنده الصحابى فلا تقوى على معارضة حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فى القول الأول وهو مرفوع إلى النبى صلّى الله عليه وسلم.
ثانيا: ليس فيه ما يتعارض مع القول الأول فإنه يفهم من هذه الرواية أن الفاتحة لم تسبق اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ لأن ذهاب الرسول مع أم المؤمنين خديجة إلى ورقة كان عقب نزول اقرأ والذهاب هنا مع أبى بكر بعد هذه المرة الأولى وبعد سماع الصوت من الخلف ويبقى القول الأول أصح الأقوال.
القول الرابع: تناولنا فيما سبق ثلاثة أقوال فى تحديد أول ما نزل من القرآن الكريم الأول: وهو أصحها اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١).
الثانى: يا أيها المدثر.
الثالث: سورة الفاتحة.
وناقشنا أول هذه الأقوال ورجحنا أدلة القول الأول، ونتابع الآن القول الرابع فى تحديد لأول ما نزل. فيرى أصحاب هذا القول أن أول ما نزل «بسم الله الرحمن الرحيم» ودليلهم ما أخرجه الواحدى بسنده عن عكرمة والحسن قالا: أول ما نزل من القرآن «بسم الله الرحمن الرحيم» وأول سورة «اقرأ» ومن وجهة النظر الحديثية نرى