الْقَيُّومُ [البقرة: ٢٥٥]، فضرب فى صدرى وقال: «ليهنك العلم أبا المنذر».
كما أخرج الخمسة إلا النسائى عن أبى مسعود البدرى أنه قال: قال النبى صلّى الله عليه وسلم:
«من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة فى ليلة كفتاه».
وأخرج الإمام أحمد فى مسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أقرأنى رسول الله صلّى الله عليه وسلم سورة من الثلاثين من آل حم، قال: يعنى الأحقاف؛ لأن السورة إذا
كانت أكثر من ثلاثين آية سميت الثلاثين، وقال ابن العربى: ذكر النبى صلّى الله عليه وسلم أن: «الفاتحة سبع آيات، وسورة الملك ثلاثون آية».
فإذا قيل: إذا قلنا بالتوقيف فلماذا ترى بعض الخلاف فى هذا؟ فالكوفيون- مثلا- يقولون بالتوقيف وعدوا كل فاتحة من فواتح السور التى فيها شىء من حروف الهجاء آية سوى حم (١) عسق (٢) [الشورى] فإنهم عدوها آيتين، وسوى «طس» ولم يعدوا من الآيات ما فيه «ر» وهو «الر» و «المر» وما كان مفردا وهو «ق» و «ص» و «ن» أى لم يعدوا شيئا منها آية.
وأما غير الكوفيين فلا يعتبرون شيئا من الفواتح آية إطلاقا. نقول إن هذا الخلاف لا يتعارض مع القول بالتوقيف، فكلّ وقف عند حدود ما بلغه أو علمه.
وإذا تأملنا الرأى الثانى رأيناه لا يخرج كثيرا عن القول بالتوقيف؛ لأنه يجعل القياس مبنيا على الفاصلة والوصل والوقف، وكل هذا فى حق أصحاب النبى صلّى الله عليه وسلم قائم على الاتباع والسماع من الرسول الكريم ليس اتباعا للرأى والهوى.
لقد وقفنا على سبيل معرفة تحديد الآية القرآنية الكريمة، وأنه توقيفى، وأن الاختلاف الذى قد نجده بين العلماء فى ذلك يرجع إلى وقوف كلّ عند حدود ما بلغه أو علمه، كما يرجع ذلك فى عد الآيات إلى أن النبى صلّى الله عليه وسلم كان يقف على رءوس الآى؛ تعليما لأصحابه أنها رءوس آى، حتى إذا علموا ذلك وصل صلّى الله عليه وسلم الآية بما بعدها لاكتمال المعنى وتمامه فيظن بعض الناس أن ما وقف عليه النبى صلّى الله عليه وسلم ليس فاصلة فيصلها بما بعدها عادا أن الجميع آية واحدة، والبعض عدها آية مستقلة فلا يصلها بما بعدها، ولا يترتب على هذا الخلاف خطورة، ولا يترتب عليه زيادة ولا نقص فى كتاب الله تعالى، ولكنها الدقة العلمية والتحرى الدقيق الذى جعل العلماء يقبلون على كتاب ربهم إقبالا متدبرا فى جزئياته وكلياته.
ومما ذكروا فى ذلك أيضا: أن آيات القرآن الكريم مختلفة فى الطول والقصر،