سورة النساء وبراءة، وقوله قعالى: (وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا) يعني: القتل والهزيمة؛ هكذا جاء في التفسير.
ويجوز عندنا أن يدخل في الحسنة هاهنا جميع ما ينالهم من المحبوب، وفي السيئة جميع ما يصيبهم من المكروه.
الثاني: العمل الصالح، قال اللَّه تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) وقوله: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا) والسيئة التي في هاتين الآيتين بمعنى المعصية، وقرئ: (عَشْرٌ أَمْثَالُهَا) بالإضافة أي: عشر حسنات أمثالها وقرئ: (عَشْرُ أَمْثَالِهَا) على أن أمثالها من صفة العشر.
فإن قيل: كيف قال: (عَشْرُ أَمْثَالِهَا) والمثل مذكر؟ قلنا: لأنه مضاف إلى مؤنث، وهي في المعنى أيضا حسنة أو درجة فأنت على المعنى، وأراد بذكر العشر التكثير ولم يرد عشر بعينها، كما تقول: إن كلمتني واحدة كلمتك عشرا؛ وكذلك قوله: (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) أراد التكثير، ولم يرد عددا بعينه، ألا ترى أنه لو زاد على السبعين لم يغفر اللَّه لهم أيضا.
الثالث: الخصب والسعة، قال الله تعالى: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) يقول إن أصابهم خير وسعة وخصب نسبوه إلى الله تعالى، وإن أصابهم ضيق وقحط نسبوه إليك، وقالوا: إنما نالنا ذلك من شؤمك، ومثله قوله: (ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ) أي: بدل الضيق بالسعة، ومثله: (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ) أي: اختبرناهم بالضيق والسعة والبلوى.
والاختبار والتجربة سواء، وحقيقة معناه فعل ما يحدث معه العلم بالمبلو المختبر، ولا يجوز ذلك على الله، لأنه عالم بنفسه