أي: معظم هذا اللإفك، ومنه الكبر من السن؛ لأن صاحبه يعظم في الصدور، فأما الكبر فأعجمي.
والكبير وما يتشعب منه في القرآن على ثمانية أوجه:
الأول: الشديد، قال الله: (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا) قال: (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا) كل ذلك بمعنى شديد كذا قيل، ونحن نقول: إن حقيقة الشدة والكبر في الأعراض إنما هي الزيادة في المقدار، فقولك: علا علوا شديدا أو كبيرا أي: علوا زائدا على علو من هو في درجته أو من جنسه أو ما أشبه هذا.
الثاني: المسن، قال: (وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) قال: (وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ).
الثالث: الزيادة في العلم والفهم، قال: (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) أي: أعلمكم وأفهمكم، ومثله قال: (كَبِيرُهُمْ) أي: أفضلهم رأيا، ولم يعن أكبرهم سنا هكلذا قيل، ويجوز عندنا أن يكون أراد أكبرهم في السن.
الرابع: بمعنى الكثير، قال اللَّه: (وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً) وقوله: (وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ) أي: مالا قليلا أو كثيرا، ويجوز أن يكون أراد صغيرا أو كبيرا في القدر.
الخامس: الكبير في أسماء اللَّه تعالى، ومعناه الذي تقدم وهو قوله: (الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) وقوله: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) والمتعال الذي يتضاعف ما يستحقه من علو الصفات، ولم يزل الله متعاليا على هذا المعنى، وكل شيء نسب إلى العلو، وهو معظم الشأن، لأن العالي ينال ولا ينال، ويوصف الله بالتعالي أيضا على وجه آخر، وهو أنه يتضاعف ما تنزه به عن صفات النقص، نحو قوله تعالى: (عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) ولا يقال: