الخامس: أهل مصر خاصة، قال الله: (لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) وقال: (عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ).
السادس: الناس كلهم، قال: (إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ) أي: هو قادر على جميع الناس لا يفوتونه ولا يعجزونه، والمحيط في أسماء اللَّه تعالى بمعنى القادر القاهر الغالب.
وقيل: الناس هاهنا أهل مكة خاصة، ومن العام الذى معناه العموم قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، ولو جاء بصروف العموم عن ظاهره بغير دليل مجاز في هذا لأن علمه، وإن كان محيطا بالأشياء كلها، فقد يجوز أن يخبر عن بعضها أنه عالم به، كقوله تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ) وقوله: (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) وأما العام الذي بمعنى الخصوص؛ فقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) وذلك أن المراد المكلفون والخاص الذي بلفظ الخصوص: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ) والعام الذي جاء بلفظ الخصوص.
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ) وقوله: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) ويكون عام يدخله الخصوص على غير هذا الوجه، كقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ).
وقد دلت السنة والإجماع على أن طائفة إذا أقاموا بذلك سقط عن الآخرين على أن جميع المؤمنين مأمورين به، إن عليهم ذلك ما لم يقم به بعضهم، والعرب تقول: أحمر البشر، وإن لم يحمر جميعه، لأن منه ما هو أصفر، وغسلت ثيابي وإن لم يرد كل ثوب وكساه جبة، وإنما أراد هذا أوان احمرار البشر، وهو أوان فراغي من الغسل.