وهذا كما تقول: فعلت ذلك لفلان. أي: ميلا إليه وإعانه له، وإنما قال فرعون هذا القول ليوهم غيرهم أنهم على اعتقاد التكذيب لموسى؛ لأن لا يكون ما ظهر منهم داعية لغيرهم إلى الإيمان به.
وهو في القرآن على أربعة أوجه:
الأول: بمعنى: الإقرار باللسان من غير اعتقاد؛ قال اللَّه تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا). يعني: أقروا علانية وكفروا سرًّا. وقوله تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ)، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ)، هكذا جاء في التفسير.
ويجوز عندنا أن تكون المخاطبة في هذه الآيه وما قبلها مخاطبة للمؤمنين حقا يأمرهم بخضوع القلوب وترك تولي المغضوب عليهم في يستقبل من أعمارهم.
وقيل: قوله: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ)، أن هؤلاء قوم من المؤمنين قصروا بعض التقصير ولم يطهر عليهم أثر الإسلام؛ خشوعه ووقاره فاستعتبهم الله بهذه الآية.
وقال بعضهم: كانوا بمكة مجتهدين فلما هاجروا أصابهم الزيف ففتروا عما كانوا عليه، وأن الشيء يبين، وأنى يأتي بمعنى دنا.
الثاني: التصديق سرا وعلانية " قال اللَّه تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ).
الثالث: التوحيد، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ)، قالوا: أراد بالتوحيد، والمعنى على هذا: ومن يكفر بالله الموحد ويجوز أن يكون، الكفر هاهنا الجحد: أي: من جحد الإيمان بهذه الأحكام التي تقدم ذكرها فقد حبط عمله، وفيه دليل على أن من نذر طاعة ثم ارتد بطل نذره.
الرابع: إقرار الشرك ببعض ما يوافق المسلم، قال الله تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) أي: إذا سألتم عن خالقهم قالوا: اللَّه.