..............................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد، والشطر هنا مكون من جملتين وما بعدهما من الأبيات إلى آخر المتن مقول القول، والجملة الأولى اسمية وهي (الحمد لله) وهي مفيدة للدوام والثبوت والأبدية، والجملة الثانية خبرية وفي المعنى فعلية مفيدة للتجديد في كل حالة، والمعنى كل حمد صدر من حامد فهو ثابت لله تعالى أو مختص به دون من عداه، فإن حمد المصنوع راجع إلى حمد الصانع سواء علم بذلك أو جهل، والحمد هو الذي حمد الله به نفسه، وأظهره على لسان أنبيائه وأصفيائه، وبدأ المصنف - رحمه الله - بالحمد اقتداء بالقرآن المجيد، واقتفاء بحديث رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - «كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم» أي مقطوع البركة، وفي رواية «فهو أقطع»، وفي أخرى فهو أبتر، والحديث أخرجه أبو داود وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه - وحسنه ابن الصلاح وغيره، وورد أيضا عنه مرفوعا: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع»، وفي رواية عنه أيضا: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله والصلاة علي فهو أقطع أبتر ممحوق من كل بركة» ويفهم من مجموع الأحاديث أنه ينبغي أن يقع الابتداء بكل من الثلاثة، وقد أشار الشيخ زكريا (أبي يحيى زكريا الأنصارى) في شرحه إلى أن البسملة في أولها قبل الشروع فيها موجودة بحسب الكتابة، لكنه مخالف لما عليه الأصول مع أنها لا تدخل تحت المقول، والحمد لله أصل في كتاب الله - عز وجل-، فقد بدأ الله سبحانه بالحمد لله في خمس سور هي: (فاتحة الكتاب، والأنعام، والكهف، وفاطر، وسبأ)، (وصلي الله) الصلاة من الله تعالى رحمة، ومن الملائكة استغفار، ومن بني آدم تضرع ودعاء، وكان من الأفضل أن يذكر السلام بعد الصلاة لقول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً.
(على نبيه) النبي إما مهموز من النبأ، وقيل: من النبوة بمعنى الرفعة، لأن النبي مرفوع الرتبة على سائر البرية، وهو إنسان أوحي إليه بشرع، وإن لم يؤمر بتبليغه،
والرسول إنسان أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، فالنبي أعم منه مطلقا. وأما الفرق بين النبي والرسول أن الرسول مأمور بتبليغ ما أنبئ به، والنبي هو المخبر، ولم يؤمر بالتبليغ، فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا، وأراد المصنف - رحمه الله - من قوله: (ومصطفاه): رسوله كما يشير إليه قوله تعالى: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ-)


الصفحة التالية
Icon