(٣٠) وهو إعطاء الحروف حقّها | من صفة لها ومستحقّها |
(٣١) وردّ كلّ واحد لأصله | واللّفظ في نظيره كمثله |
(٣٠) قيل: أن هذا البيت يعتبر تعريفا لعلم التجويد، وما سبق نعت له أي التجويد هو إعطاء الحروف بعد إحسان مخارجها وتمكينها في محايزها حقها من كل صفة من صفاتها المتقدمة وإعطائها مستحقها من تفخيم وترقيق وسائر أوصافها الآتية، والفرق بين حق الحروف ومستحقها أن حق الحرف صفته اللازمة له من همس وجهر وشدة ورخاوة وغير ذلك من الصفات الماضية، ومستحقها ما ينشأ عن هذه الصفات كترقيق المستفل وتفخيم المستعلي ونحو ذلك من ترقيق الراءات وتفخيم بعضها، وكذلك حكم اللامات، ويدخل في الثاني ما ينشأ من اجتماع بعض الحروف إلى بعض مما حكموا عليه بالإظهار والإدغام والإخفاء والقلب والغنة والمد والقصر وأمثال
ذلك فالحق صفة اللزوم والمستحق صفة العروض هذا ولا يخفى أن إخراج الحرف من مخرجه أيضا داخل في تعريف التجويد كما صرح به الناظم في كتاب التمهيد فكان ينبغي أن يذكر فيه وقد أشرنا إلى جواب لطيف في ضمن تعريفه وهو أن الحروف لا تتحقق إلا باعتبار إخراجها من حيزها لكن يبقى فيه إشكال من جهة أن بعض الصفات أيضا مميزة لها.
(٣١) والمقصود (برد كل واحد لأصله) أي بيان مخرج كل واحد من الحروف فإن معناه أن التجويد هو رد كل واحد من الحروف لأصله أي صرفه إلى أصل من حيزه ومخرجه لكن يرد عليه أنه كان ينبغي أن يقدم بيان المخارج على الصفة لأن الأول بيان الحقيقة والماهية، والثاني بيان الصفة والكيفية، وغاية ما يتكلف في الجواب عنه أن يقال: الواو لمطلق الجمعية لا لإفادة الترتيب بين المتعاطفة، وقيل:
ورد كل واحد من الحروف لأصله أي حيزه من مخرجه. وقوله (واللفظ في نظيره) المراد بالنظير والمثل هنا واحد، وكان الأولى أن يقول واللفظ في شبيهه كمثله والكاف زائد والمعنى أن من التجويد أن يتلفظ في اللفظ الثاني مثل ما يتلفظ بمثله أولا، يعني أنه إذا أراد أن ينطق بالحرف مرققا أو مفخما أو مشددا أو مقصورا أو ممدودا أو مظهرا أو مدغما وأمثال ذلك جاء شبيهه مما يقتضي تلك الصفات السابقة فيتلفظ به بلا تفاوت لتكون القراءة على المناسبة والمساواة ولا يبعد أن يكون النظير