فبينما يخطّئ ابن جبير فيقول:" وقد أدرج ابن جبير في هذا الضرب حرفين ليسا منه، وحكى عن اليزيدي عن أبي عمرو أنه أظهرهما، وهما قوله: الموت تحبسونهما [المائدة: ١٠٦] والموت توفّته [الأنعام: ٦١] وذلك غلط منه، لأن تاء الموت أصلية، فلا علة تمنع من إدغامها في مثلها، كما منعت منه تاء الخطاب وتاء المتكلم" «١».
ويغلط الحلواني في الحاقّة يا أيّها ويا أخت ويا آدم مع ما الهمزة فيه من نفس الكلمة التي قبلها، بل هي منفصلة منها... الخ «٢».
وتراه يرد رواية الخزاعي، والحلواني، وابن شنبوذ، عن القوّاس أنه كان يحذف حرف المدّ، ويسقطه من اللفظ في المنفصل، فيقول:" وهذا مكروه قبيح لا يعمل عليه، ولا يؤخذ به، إذ هو لحن لا يجوز بوجه، ولا تحلّ القراءة به" «٣» ويحكم بالوهم حتى على شيخه فارس بن أحمد «٤».
تراه من ناحية أخرى يقبل قول قالون ويحسّنه فيقول:" والذي قاله في الضربين حسن، وقد بينا صحة ذلك في كتابنا المصنف في الهمزتين" «٥».
ويعقب على تعليل الفراء تفخيم لام الجلالة بعد الفتح والضم، وترقيقها بعد الكسر، بقوله:" وكلام الفراء في هذا حسن، وذلك أنه شبه اللام... الخ" «٦».
وحيثما جرى الخلاف بين القراء في قضية ما، بيّن لك وجهة نظر كل فريق، ثم أوضح أي الرأيين هو الصحيح، أو الأقوى الذي يعتمده، والأمثلة كثيرة في جامع البيان. غير أن الداني يقسو أحيانا على أصحاب الرأي المقابل في التعبير. فتراه يقول:
" والوجهان جميعا لا دليل فيهما على مذهبهم، ولا حجة فيهما لانتحالهم، بل يؤذنان ببطول قولهم، ورد دعواهم، ويشهدان بقبح مذاهبهم، وسوء انتحالهم" «٧».
(٢) انظر: جامع البيان الفقرة: ١٢٥٨.
(٣) انظر: جامع البيان الفقرة: ٢٥٦.
(٤) انظر: جامع البيان الفقرة: ١٦١٩.
(٥) انظر الفقرة: ١٤١٦ من جامع البيان.
(٦) انظر الفقرة: ٢٤٠٤ من جامع البيان.
(٧) انظر الفقرة: ١٣٠٥ من جامع البيان.