حيث صنّف في كل فنّ منها، فأحسن وأجاد. وكان كما قال ابن بشكوال:" أحد الأئمة في علم القرآن، وروايته، وتفسيره، ومعانيه، وطرقه، وإعرابه" «١».
ثانيا: الحديث
لأبي عمرو الداني باع طويل في علوم السنة، رواية ودراية، فقد تلقى الحديث من مشايخ كثر، وبعض أسانيده عالية، فبينه وبين أبي عبيد القاسم بن سلام (ت ٢٢٤) ثلاثة
رجال، فهو يروي عنه بوساطة شيخه خلف بن إبراهيم بن خاقان، عن أحمد بن محمد بن أبي الموت، عن علي بن عبد العزيز البغوي، عن أبي عبيد.
وبينه وبين الإمام أحمد (ت ٢٤١) ثلاثة، حيث يروي عنه بوساطة شيخه سلمون بن داود، عن أبي علي بن الصواف، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن الإمام أحمد.
وبينه وبين يحيى بن معين (ت ٢٢٣) ثلاثة، حيث يروي عنه بوساطة شيخه عبد الرحمن بن عثمان القشيري، عن قاسم بن أصبغ، عن أحمد بن زهير بن حرب، عن يحيى بن معين.
هذا، وينبيك عن سعة رواية أبي عمرو الداني وكثرتها في السنّة، كتابه (السنن الواردة في الفتن). وهو كتاب كبير في مجلد، ذكر فيه مئات الأحاديث، والروايات في الفتن الكائنة في آخر الزمان، وبعضها قد لا تجده في غير هذا الكتاب، وهو كتاب خليق بأن يخدم ويحقق، يقول فيه الذهبي:" وكتاب الفتن الكائنة، مجلد يدل على تبحّره في الحديث" «٢»، وتراه في جامع البيان يروي الحديث الواحد بعدة أسانيد «٣»، وقد شرح كتاب منتقى ابن الجارود (ت ٣٠٧) وسماه (المرتقى في شرح المنتقى) «٤».
واحتفال الداني بالأسانيد ليس مقصورا على الأحاديث المرفوعة، بل يشمل الآثار وكلام السلف أيضا،" كان يسأل عن المسألة مما يتعلق بالآثار، وكلام السلف،
(٢) سير أعلام النبلاء ١٨/ ٨١.
(٣) انظر الفقرات: ١١٣، ١١٤، ١١٥ من جامع البيان.
(٤) الرسالة المستطرفة: ٢٥.