أو حدرنا أن لا نسقط «١» الإعراب، ولا ننفي الحرف «٢»، ولا نخفف مشدد، ولا نشدد مخففا، ولا نقصر ممدودا، ولا نمدّ مقصورا، قراءتنا قراءة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سهل جزل، لا نمضغ ولا نلوك، ننبر «٣» ولا ننتهر، نسهل ولا نشدد، نقرأ على أفصح اللغات وأمضاها، ولا نلتفت إلى أقاويل الشعراء، وأصحاب اللغات، أصاغر عن أكابر، مليّ عن وفيّ ديننا دين العجائز، وقراءتنا قراءة المشايخ، نسمع في القرآن ولا نستعمل فيه بالرأي، ثم قرأ نافع: قل لّئن اجتمعت الإنس والجنّ [الإسراء: ٨٨] إلى آخر الآية.
١٢٩٨ - في هذا الخبر بيان أن قراءته في هذا الضرب من الممدود، لم تكن بتمطيط بالغ، ولا بإشباع مسرف، بل كانت فيه بمدّ وسط، وتمكين يسير، على مقدار مذهبه في استعماله التحقيق لا غير؛ إذ ذلك الأفصح والأمضى من اللغات، والأقيس والأولى من الوجوه، وبه تحصل الجزالة والتسهيل، وينتفي الانتهار والتشديد.
١٢٩٩ - وما حكينا له قبل «٤» من كون الزيادة في هذا الضرب في مذهب ورش من الطريق المذكور، كالزيادة بعد تمطيط الحرف، في الضرب الذي يتأخر فيه الهمزة سواء [هو] «٥» ما حكاه الإمام المقدّم في هذا العلم أبو الطيب أحمد بن يعقوب التائب رحمه الله في كتابه، فقال: وكلهم قرأ مآ ءاتينكم [البقرة: ٦٣] بمدة متوسطة مثل إنّآ أعطينك [الكوثر: ١] إلا حمزة ونافعا في رواية ورش خاصة، فإنهما زادا في مدّه قليلا للتبيين والإشباع.
١٣٠٠ - ألا تراه رحمه الله كيف سوّى بين مدّ ورش وبين مذهب حمزة في زيادة التمكين في هذا الضرب الذي يتقدم فيه الهمزة حرف المدّ، كما سوّى هو وغيره من المصنفين وأهل الأداء بين مذهبهما في الزيادة على غيرهما من أئمة القراءة في الضرب الذي تتأخر فيه الهمزة بعد حرف المدّ، وذلك من حيث اشتركا في استعمال الإشباع والتبيين، واتفقا في الأخذ بالتحقيق والتمكين، فدلّ ذلك دلالة ظاهرة

(١) في م: (أن لا تسقط) بالخطاب، و (لا يبقي) بالغيبة وكذا ما بعدها.
(٢) في ت (ولا نبقي)، وفي م (ولا يبقي)، وأراه خطأ لا يستقيم به السياق.
(٣) النبر بالكلام الهمز، ونبر الحرف ينبره همزه. لسان العرب ٧/ ٣٩.
(٤) في م: (قليل). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(٥) زيادة ليستقيم السياق.


الصفحة التالية
Icon