ذلك يقول العبد: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، لقال: يقول الله عزّ وجلّ: أثنى عليّ عبدي، فاستغنى بإحدى الآيتين عن الأخرى «١».
وأما قوله: يقول الله عزّ وجلّ: هؤلاء لعبدي، فإنّما أراد هؤلاء الكلمات «٢» ويعضد هذا الذي قلناه حديث نعيم المجمر «صلّيت وراء أبي هريرة... » «٣».
والجمع بين الحديثين أولى من تعارضهما، والله أعلم اه.
وابن أبي هلال الذي يرويه عن نعيم المجمر عن أبي هريرة ليس بدون العلاء بن عبد الرحمن عند أهل الحديث، ومما يشهد لصحته ما رواه أبو سعيد (المقرى) «٤» «٥» وصالح- مولى التّوأمة- «٦» عن أبي هريرة أنه كان يفتتح الصلاة «٧» ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «٨».
وأما إثباتها في أول كل سورة، فلم يذهب إليه أحد من أهل العدد «٩».

(١) وهناك أجوبة أخرى ذكرها الفخر الرازي في تفسيره فانظرها (١/ ٢٠١).
(٢) قال النووي: وللأكثرين أن يقولوا: قوله (هؤلاء) - يعني في غير رواية مسلم- المراد به الكلمات لا الآيات، بدليل رواية مسلم: فهذا لعبدي، وهذا أحسن من الجواب بأن الجمع محمول على الاثنين،
لأن هذا مجاز عند الأكثرين، فيحتاج إلى دليل على صرفه عن الحقيقة إلى المجاز، والله أعلم اه شرح مسلم (٤/ ١٠٤) وهو مؤدى كلام السخاوي.
(٣) وقد تقدم في هذا الفصل. ص ٧٢٢.
(٤) في بقية النسخ: المقبري. وهو الصواب.
(٥) هو كيسان بن سعيد المدني أبو سعيد المقبري- بفتح الميم وسكون القاف وضم الباء الموحدة-، ثقة ثبت من الثانية، مات سنة ١٠٠ هـ.
قال ابن عبد البر: وكان منزله عند المقابر فقيل له: المقبري لذلك اه. انظر التقريب (٢/ ١٣٧) وتاريخ الثقات (٤٩٩) وكنى مسلم (١/ ٣٥٥) ومشاهير علماء الأمصار (ص ٧١) وتجريد التمهيد (ص ٥٧).
(٦) صالح بن نبهان المدني- مولى التوأمة- بفتح المثناة وسكون الواو بعدها همزة مفتوحة- وهي ابنة أمية بن خلف، صدوق، اختلط بآخره... من الرابعة، مات سنة ١٢٥ هـ أو نحوها التقريب (١/ ١٦٣) وانظر الميزان (٢/ ٣٠٢).
(٧) كلمة «الصلاة» ليست في بقية النسخ.
(٨) أخرجه الشافعي بسنده إلى صالح مولى التّوأمة عن أبي هريرة.
انظر: الأم (١/ ١٠٨) وأخرجه عبد الرزاق كذلك أنظر المصنف له باب قراءة (بسم الله الرحمن الرحيم) (٢/ ٩٠).
(٩) انظر الكشف لمكي بن أبي طالب (١/ ٢٣) ونيل الأوطار (٢/ ٢٠٩).


الصفحة التالية
Icon